وجعل السكاكى الاولى منهما اعنى ما هى معنى واحد قريبة بمعنى سهولة المأخوذ والانتقال فيها لبساطتها واستغنائها عن ضم لازم الى آخر وتلفيق بينهما والثانية بعيدة بخلاف ذلك وهذه غير البعيدة بالمعنى الذى سيجىء.
(الثانية) من اقسام الكناية (المطلوب بها صفة) من الصفات كالجود والكرم ونحو ذلك وهى ضربان قريبة وبعيدة (فان لم يكن الانتقال) من الكناية الى المطلوب بواسطة قريبة والقريبة قسمان (واضحة) يحصل الانتقال منها بسهولة (كقولهم كناية عن طول القامة طويل نجاده وطويل النجاد والاولى) اى طويل نجاده كناية (ساذجة) لا يشوبها شىء من التصريح (وفى الثانية) اى طويل النجاد (تصريح ما لتضمن الصفة) اى طويل (الضمير) الراجع الى الموصوف ضرورة احتياجها الى مرفوع مسند اليه فيشتمل على نوع تصريح بثبوت الطول له.
والدليل على تضمنه الضمير انك تقول هند طويلة النجاد والزيدان طويلا النجاد والزيدون طوال النجاد فتؤنث وتثنى وتجمع الصفة البتة لاسنادها الى ضمير الموصوف بخلاف هند طويل نجادها والزيدان طويل نجادهما والزيدون طويل نجادهم.
وانما جعلنا الصفة المضافة كناية مشتملة على نوع تصريح ولم نجعلها تصريحا للقطع بان الصفة فى المعنى صفة للمضاف اليه واعتبار الضمير رعاية لامر لفظي وهو امتناع خلو الصفة عن معمول مرفوع بها (او خفيّة) عطف على واضحة.
وخفاؤها بان يتوقف الانتقال منها على تأمل واعمال رويّة (كقولهم كناية عن الابله عريض القفاء) فان عرض القفاء وعظم الرأس بالافراط مما يستدل به على البلاهة فهو ملزوم لها بحسب الاعتقاد.
لكن فى الانتقال منه الى البلاهة نوع خفاء لا يطّلع عليه كل احد.
وليس الخفاء بسبب كثرة الوسائط والانتقالات حتى يكون بعيدة (وان كان الانتقال) من الكناية الى المطلوب بها (بواسطة فبعيدة كقولهم كثير الرماد كناية عن المضياف فانه ينتقل من كثرة الرماد الى كثرة احراق الحطب تحت القدر