فصل
اطبق البلغاء على ان المجاز والكناية ابلغ من الحقيقة والتصريح (لان الانتقال فيهما من الملزوم الى اللازم فهو كدعوى الشىء ببينة) فان وجود الملزوم يقتضى وجود اللازم لامتناع انفكاك الملزوم عن لازمه (و) اطبقوا ايضا على (ان الاستعارة ابلغ من التشبيه لانها نوع من المجاز) وقد علم ان المجاز ابلغ من الحقيقة.
وليس معنى كون المجاز والكناية ابلغ ان شيئا منهما يوجب ان يحصل فى الواقع زيادة فى المعنى لا توجد فى الحقيقة والتصريح بل المراد انه يفيد زيادة تأكيد للاثبات ويفهم من الاستعارة ان الوصف فى المشبه بالغ حد الكمال كما فى المشبه به وليس بقاصر فيه كما يفهم من التشبيه والمعنى لا يتغير حاله فى نفسه بان يعبر عنه بعبارة ابلغ.
وهذا مراد الشيخ عبد القاهر بقوله ليست مزية قولنا رأيت اسدا على قولنا رأيت رجلا هو والاسد سواء فى الشجاعة ان الاول افاد زيادة فى مساواته للاسد فى الشجاعة لم يفدها الثانى بل الفضيلة وهى ان الاول افاد تأكيدا لاثبات تلك المساواة له لم يفده الثانى والله اعلم.
كمل القسم الثانى والحمد لله على جزيل نواله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله واصحابه اجمعين.