اى اثباته ذلك الحكم (لمتعلق له آخر) على وجه يشعر بالتفريع والتعقيب وهو احتراز عن نحو غلام زيد راكب وابوه راكب (كقوله احلامكم لسقام الجهل شافية ، كما دماؤكم تشفى من الكلب) هو بفتح اللام شبه جنون يحدث للانسان من عضّ الكلب اذ لا دواء له انجع من شرب دم ملك كما قال الحماسى بنات مكارم واساة كلم ، دماؤكم من الكلب الشفاء ففرّع على وصفهم بشفاء احلامهم من داء الجهل وصفهم بشفاء دمائهم من داء الكلب يعنى انهم ملوك واشراف وارباب العقول الراجحة.
(ومنه) اى ومن المعنوى (تأكيد المدح بما يشبه الذم وهو ضربان افضلهما) ان يستثنى من صفة ذم منفية عن الشىء صفة مدح) لذلك الشىء (بتقدير دخولها فيها) دخول صفة المدح فى صفة الذم (كقوله ولا عيب فيهم غير ان سيوفهم ، بهن فلول) جمع فلّ وهو الكسر فى حد السيف (من قراع الكتائب) اى مضاربة الجيوش (اى ان كان فلول السيف من القرع عيبا فاثبت شيئا منه) اى من العيب (على تقدير كونه منه) اى كون فلول السيف من العيب.
(وهو) اى هذا التقدير وهو كون الفلول من العيب (محال) لانه كناية عن كمال الشجاعة (فهو) اى اثبات شىء من العيب على هذا التقدير (فى المعنى تعليق بالمحال) كما يقال حتى يبيض الفار وحتى يلج الجمل فى سم الخياط (فالتأكيد فيه) اى فى هذا الضرب (من جهة انه كدعوى الشىء ببينة) لانه علق نقيض المدعى وهو اثبات شىء من العيب بالمحال والمعلق بالمحال محال فعدم العيب محقق.
(و) من جهة (ان الاصل فى) مطلق (الاستثناء) هو (الاتصال) اى كون المستثنى منه بحيث يدخل فيه المستثنى على تقدير السكوت عنه.
وذلك لما تقرر فى موضعه من ان الاستثناء المنقطع مجاز واذا كان الاصل فى الاستثناء الاتصال (فذكر اداته قبل ذكر ما بعدها) يعنى المستثنى (يوهم اخراج شىء) وهو المستثنى (مما قبلها) اى مما قبل الاداة وهو المستثنى منه (فاذا وليها) اى الاداة (صفة مدح) وتحول الاستثناء من الاتصال الى الانقطاع (جاء التأكيد لما فيه من المدح على المدح والاشعار بانه لم يجد فيه صفة ذم حتى يستثنيها فاضطر إلى استثناء