هى هى بل من حيث الوجود ولا من حيث وجودها في ضمن جميع الافراد بل بعضها غير معين (كقولك ادخل السوق حيث لا عهد) في الخارج ومثله قوله تعالى (وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) (وهذا في المعنى كالنكرة) وان كان في اللفظ يجرى عليه احكام المعارف من وقوعه مبتدأ وذا حال ووصفا للمعرفة وموصوفا بها ونحو ذلك وانما قال كالنكرة لما بينهما من تفاوت ما وهو ان النكرة معناه بعض غير معين من جملة الحقيقة وهذا معناه نفس الحقيقة.
وانما تستفاد البعضية من القرينة كالدخول والاكل فالمجرد وذو اللام بالنظر الى القرينة سواء وبالنظر الى انفسهما مختلفان ولكونه في المعنى كالنكرة قد يعامل معاملة النكرة ويوصف بالجملة كقوله «ولقد امر على اللئيم يسبنى».
(وقد يفيد) المعرف باللام المشار بها الى الحقيقة (الاستغراق نحو (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ)) اشير بالام الى الحقيقة لكن لم يقصد بها الماهية من حيث هى هى ولا من حيث تحققها في ضمن بعض الافراد بل في ضمن الجميع بدليل صحة الأستثناء الذى شرطه دخول المستثنى في المستثنى منه لو سكت عن ذكره فاللام التى لتعريف العهد الذهنى او الاستغراق هى لام الحقيقة حمل على ما ذكرناه بحسب المقام والقرينة.
ولهذا قلنا ان الضمير في قوله يأتى وقد يفيد عائد إلى المعرف باللام المشار بها الى الحقيقة ولا بد في لام الحقيقة من ان يقصد بها الاشارة الى الماهية باعتبار حضورها في الذهن ليتميز عن اسماء الاجناس النكرات مثل الرجعى ورجعى واذا اعتبر الحضور في الذهن فوجه امتيازه عن تعريف العهد ان لام العهد اشارة الى حصة معينة من الحقيقة واحدا كان او اثنين او جماعة ولام الحقيقة اشارة الى نفس الحقيقة من غير نظر الى الافراد فليتأمل.
(وهو) اى الاستغراق (ضربان حقيقى) وهو ان يراد كل فرد مما يتناوله اللفظ بحسب اللغة (نحو (عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ*) اى كل غيب وشهادة وعرفى) وهو ان يراد كل فرد مما يتناوله اللفظ بحسب متفاهم العرف (نحو جمع الامير الصاغة اى صاغة بلده او) اطراف (مملكته) لانه المفهوم عرفا لا صاغة الدنيا.