والذي ذهب بنفسه ، وهو قادر على أن يغفر له ، لقد رأيته يقرع ثناياه بقضيب في يده ، ويقول أبياتا من شعر ابن الزبعرى ، ولقد جاء رجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال له : قد أمكنك الله من عدو الله ، وابن عدو أبيك ، فاقتل هذا الغلام (١) ينقطع هذا النسل ، فإنك لا ترى ما تحبّ وهم أحياء (٢). آخر من ينازع فيه يعني علي بن حسين بن علي ، لقد رأيت ما لقي أبوك من أبيه ، وما لقيت أنت منه ، وقد رأيت ما صنع مسلم بن عقيل (٣) ، فاقطع أصل هذا البيت ، فإنك إن قتلت هذا الغلام انقطع نسل الحسين خاصة ، وإلّا فالقوم ما بقي منهم أحد طالبك بهم ، وهم قوم ذوو (٤) مكر ، والناس إليهم مائلون وخاصة غوغاء أهل العراق ، يقولون : ابن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ابن علي وفاطمة. اقتله ، فليس هو بأكرم من صاحب هذا الرأس ، فقال : لا قمت ولا قعدت فإنك ضعيف مهين ، بل أدعهم كلما طلع منهم طالع أخذته سيوف آل أبي سفيان.
قال : إنّي قد سميت الرجل الذي من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولكن لا أسميه أبدا ، ولا أذكره.
قال حمزة : فسألتها : من هي؟ فقالت : كانت أمي امرأة من كلب ، وكان أبي رجلا من موالي بني أمية ، وقالت لي : ماتت أمي يوم ماتت ولها مائة سنة وعشر سنين ، وذكرت أن أمّها عجيبة عاشت تسعين سنة ، وأنّها أدركت زمن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسمعت وهي امرأة أم أولاد ، وأنها رأت عمر بن الخطاب حين قدم الشام وهي مسلمة.
قال أحمد : قال أبي : قال لي يحيى بن حمزة : قال أبي : يعني حمزة بن يزيد (٥) : قد رأيت ريّا بعد ذلك مقتولة مطروحة على درج جيرون (٦) مكشوفة الفرج في فرجها قصبة مغروزة.
قال حمزة : وقد كان حدّثني بعض أهلنا : أنه رأى رأس الحسين مصلوبا بدمشق ثلاثة أيام.
__________________
(١) يعني علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، زين العابدين.
(٢) بالأصل : أجياد ، والمثبت عن «ز».
(٣) مسلم بن عقيل بن أبي طالب ، ابن عم الحسين بن علي ، ورسوله إلى أهل الكوفة ، وأمره بتقوى الله وكتمان أمره واللطف ، وأمره إن رأى الناس مجتمعين له عجل بذلك إليه.
(٤) بالأصل و «ز» : ذو مكر.
(٥) بالأصل : زيد ، والمثبت عن «ز».
(٦) درج جيرون : الدرج المقابل لباب جيرون باب الجامع الأموي الشرقي (انظر معجم البلدان).