سألنا أخبرناه. إن الحق كان يطلب ضالته فأصابها ، فصبرا يا معشر المهاجرين والأنصار ، فكأنّ قد اندمل شعب الشتات ، والتأمت كلمة العدل ، وغلب الحق باطله ، فلا يعجلن أحد فيقول : كيف [العدل](١) وأني؟ ليقضي الله أمرا كان مفعولا ، ألا إن خضاب النساء الحناء ، وخضاب الرجال الدماء ، والصبر خير في الأمور عواقب. إيها إلى الحرب قدما غير ناكصين وهذا يوم له ما بعده.
ثم قال معاوية : يا زرقاء لقد شركت عليا في كل ما فعل. قالت : له الزرقاء : أحسن الله بشارتك يا أمير المؤمنين ، وأدام سلامتك ، فمثلك بشر بخير وسر جليسه. فقال لها : وقد سرّك ذلك؟ قالت : نعم ، والله لقد سرّني قولك فأنّى لي بتصديق الفعل؟ فقال لها معاوية : لوفاؤكم له بعد موته ، أعجب إليّ من حبكم له في حياته. اذكري حاجتك. قالت : يا أمير المؤمنين إنّي امرأة آليت ألا أسأل أمرا أعنت (٢) عليه شيئا. فمثلك أعطى عن غير مسألة ، وجاد عن غير طلب ، قال : صدقت ، فأقطعها ضيعة أغلتها في أول سنة ستة عشر ألف درهم ، وأحسن صفدها (٣) وردها مكرمة.
٩٣٤٧ ـ زمرد بنت جاولي بن عبد الله الخاتون أخت الملك دقاق
تاج الدولة لأمه ، وزوج تاج الملوك بوري بن طغتكين (٤)
وأم شمس الملوك إسماعيل والشهاب محمود ابني بوري
كانت امرأة محبة للخير ، مكرمة لأهل العلم ، سمعت الحديث من الفقيهين أبي الحسن ابن قيس (٥) ، وأبي الفتح نصر الله بن محمّد (٦) ، وأبي طالب بن أبي عقيل الصوري ، واستنسخت (٧) الكتب ، وقرأت القرآن على أبي محمّد بن طاوس ، وأبي بكر القرطبي ، وبنت
__________________
(١) زيادة عن صبح الأعشى.
(٢) بالأصل و «ز» : «أعب» المثبت عن العقد الفريد ، وفيه : أميرا أعنت عليه أبدا.
(٣) الصفد : العطاء.
(٤) بالأصل و «ز» : «طغتكي» والصواب ما أثبت ، راجع ترجمة بوري في تاريخ مدينة دمشق طبعة دار الفكر ١٠ / ٤٠٩ رقم ٩٧١.
(٥) كذا بالأصل و «ز» : ابن قيس ، وفي المطبوعة : ابن قبيس ، وهو أشبه وهو علي بن أحمد بن منصور بن محمد ، أبو الحسن الغساني الدمشقي الفقيه ترجمته في سير الأعلام ٢٠ / ١٨.
(٦) هو نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد أبو الفتح الشيباني.
(٧) بالأصل : «واستخصت» ، وفي «ز» : واستحسنت» والمثبت عن المطبوعة.