كان عبد الملك بن مروان فرض الصداق أربع مائة دينار لا يزاد عليها ، وكان ذلك بدعة منه ، وذلك أنّه خطب امرأة من قريش يقال لها زينب ، ونافسه فيها رجل من أهل بيته ، فقال لها ذلك الرجل : أصدقك (١) عشرين ألف دينار فتزوّجته ، وتركت عبد الملك ، فقال عبد الملك : أرى النساء يذهب بهن المهور ، ولو كان المهر واحدا ما وضعت المرأة نفسها إلّا في الفضل ، وما كانت زينب تذهب إلى فلان عني ، فكتب : لا يزاد في المهر على أربعمائة دينار. قال يحيى : فكان يقال لذلك الرجل : خربت نفسك ، فيقول : كعكات زينب أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها ، قال : وكانت توصف بشيء عجيب. كان مما توصف به : أنها تستلقي على قفاها فيرمى تحتها بالأترجة (٢) فتنفذ إلى الناحية الأخرى لعظم عجيزتها.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر المعدل ، نا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، حدّثني محمّد بن حسن ، عن إبراهيم بن محمّد الزهري ، عن أبيه قال (٣) :
كانت زينب بنت عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام بارعة الجمال ، وكانت تدعى الموصولة ، فكانت عند أبان بن مروان بن الحكم ، فلما توفي أبان بن مروان دخل عليه عبد الملك ، فرآها ، فأخذت بنفسه ، فكتب إلى أخيها المغيرة بن عبد الرّحمن يأمره بالشخوص إليه ، فشخص إليه ، فنزل على يحيى بن الحكم ، فقال يحيى : إن أمير المؤمنين إنّما بعث إليك لتزوّجه أختك زينب ، فهل لك في شيء أدعوك إليه ، قال : هلمّ فاعرض. قال : أعطيك لنفسك أربعين ألف دينار ، ولها عليّ رضاها وتزوجنيها. قال له المغيرة : ما بعد هذا شيء. فزوّجه إياها ، فلما بلغ عبد الملك بن مروان ذلك أسف عليها ، فاصطفى كل شيء ليحيى بن الحكم. فقال يحيى : كعكتين وزينب ، يريد أنه يجتزئ بكعكتين ، إذا كانت عنده زينب.
قال الزبير : وإنّما قيل لها الموصولة لأنها كأنما انتعت كلّ عضو منها ثم وصلت (٤).
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالا : أنا أبو جعفر المعدل ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار قال : وأخبرني نوفل بن ميمون السهمي ،
__________________
(١) بالأصل : «أصدقنا» وفي المطبوعة : «أصدقتك» والمثبت عن «ز» ، والمختصر.
(٢) الأترجة : ضرب من الفاكهة معروف.
(٣) انظر نسب قريش للمصعب ص ٣٠٧ باختلاف في الرواية.
(٤) في نسب قريش : وكانت زينب تسمى من حسنها موصولة لأن كل إرب منها كأنما حسن خلقه ، ثم وصل إلى الإرب الآخر.