فأجابته :
لأن الله علقه فؤادي |
|
فحاز الحب دونكم الحبيب |
فقال الأحوص :
خليلي لا تلمها في هواها |
|
ألذ العيش ما تهوى القلوب |
قال : فأضرب عنها ابن حسان وخرج ممتدحا ليزيد بن معاوية ، فأكرمه وأعطاه ، فلمّا أراد الانصراف قال له : يا أمير المؤمنين عندي نصيحة قال : وما هي؟ قال : جارية خلّفتها بالمدينة لامرأة من قريش من أجمل الناس وأكملهم ولا تصلح إلّا أن تكون لأمير المؤمنين وفي سمّاره ، فأرسل إليها يزيد ، فاشتريت له وحملت إليه فوقعت منه موقعا عظيما وفضّلها على جميع من عنده ، وقدم عبد الرّحمن المدينة فمرّ بالأحوص وهو قاعد على باب داره وهو مهموم ، فأراد أن يزيده على ما به فقال :
يا مبتلى بالحب مفدوحا |
|
لاقى من الحب تباريحا |
أفحمه (١) الحب فما ينثني |
|
إلّا بكأس الحب (٢) مصبوحا |
وصار ما يعجبه مغلقا |
|
عنه وما يكره مفتوحا |
قد حازها من أصبحت عنده |
|
ينال منها الشم والريحا |
خليفة الله ، فسل الهوى |
|
وعز قلبا منك مجروحا |
فأمسك الأحوص عن جوابه ، ثم إن شابين من بني أمية أرادا (٣) الوفادة إلى يزيد فأتاهما الأحوص فسألهما أن يحملا له كتابا ، ففعلا ، وكتب إليهما معهما :
سلام ذكرك ملصق بلساني |
|
وعلى هواك تعودني أحزاني |
ما لي رأيتك في المنام مطيعة |
|
وإذا انتبهت لججت في العصيان |
أبدا محبك ممسك بفؤاده |
|
يخشى اللجاجة منك في الهجران |
إن كنت عاتبة فإني معتب |
|
بعد الإساءة فاقبلي إحساني |
لا تقتلي رجلا يراك (٤) لما به |
|
مثل الشراب لغلة الظمآن |
__________________
(١) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الأغاني : ألجمه.
(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الأغاني : الشوق.
(٣) بالأصل «ز» : أراد ، والمثبت عن الأغاني.
(٤) بالأصل و «ز» : رآك ، والمثبت عن الأغاني.