ولقد أقول لقاطنين من أهلها (١) |
|
كانا على خلقي من الاخوان |
يا صاحبي على فؤادي جمرة |
|
وبرى الهوى جسمي كما تريان |
أمرقّيان إلى سلامة أنتما |
|
ما قد لقيت بها وتحتسبان |
لا أستطيع الصبر عنها إنها |
|
من مهجتي نزلت أجل مكان (٢) |
قال : ثم غلبه الجزع فخرج إلى يزيد ممتدحا له فلما قدم عليه قرّبه وأكرمه ، وبلغ لديه كل مبلغ ، فدست إليه سلافة خادما ، وأعطته مالا على أن يدخله إليها ، فأخبر الخادم يزيد بذلك ، فقال : امض لرسالتها ، ففعل ما أمره وأدخل الأحوص ، وجلس يزيد بحيث يراهما ، فلما أبصرت الجارية بالأحوص بكت إليه وبكى إليها ، وأمرت فألقي له كرسي فقعد عليه ، وجعل كل واحد منهما يشكو إلى صاحبه شدة الشوق ؛ فلم يزالا يتحدثان إلى السحر ، ويزيد يسمع كلامهما من غير أن يكون بينهما ريبة ، حتى هم بالخروج قال :
أمسى فؤادي في همّ وبلبال |
|
من حب من لم أزل منه على بال |
فقالت :
صحا المحبون بعد النأي إذ يئسوا |
|
وقد يئست وما أصحو على حال |
فقال :
من كان يسلو بيأس عن أخي ثقة |
|
فعنك سلام (٣) ما أمسيت بالسالي |
فقالت :
والله والله لا أنساك يا شجني (٤) |
|
حتى تفارق مني الروح أوصالي |
فقال :
والله ما خاب من أمسى وأنت له |
|
يا قرة العين في أهل ولا (٥) مال |
ثم ودّعها وخرج ، فأخذه يزيد ودعا بها فقال : أخبراني عما كان في ليلتكما وأصدقاني ، فأخبراه وأنشداه ما قالا ، فلم يخرما حرفا ولا غيّرا شيئا مما سمعه. فقال له يزيد أتحبها يا أحوص؟ قال : أي والله يا أمير المؤمنين :
__________________
(١) الأغاني : أهلنا.
(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الأغاني : بكل مكان.
(٣) في الأغاني : فعن سلامة.
(٤) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن «ز» ، وفي الأغاني : سكني.
(٥) في الأغاني : وفي مال.