يوما من حضرة المعتمد](١) فصرت إلى عريب فلما قربت من دارها أصابني مطر بلّ ثيابي إلى أن وصلت إلى دارها ، فلما وصلت إليها أمرت بأخذ ثيابي عني وأتتني بخلعة فلبستها ، وأحضرنا الطعام فأكلنا ، ودعت بالنبيذ ، وأخرجت جواريها ، ثم سألتني عن خبر الخليفة في أمس ذلك اليوم ، وشربه وأيش كان صوته ، وعلى من كان؟ فأخبرتها أن بنانا غناه :
وذي كلف بكى جزعا |
|
وسفر القوم منطلق |
به قلق يململه |
|
وكان وما به قلق |
جوارحه (٢) على خطر |
|
بنار الشوق تحترق |
جفون حشوها الأرق |
|
تجافى ثم تنطبق (٣) |
فأمرت صاحبا لها بالمصير إلى بنان وإحضاره ، فمضى إليه وجاء بنان معه ، وقدّم إليه الطعام ، فأكل وشرب ، وأتي بعود ، فاقترحت عليه الصوت فغنّاه ، فأخذت دواة ودرجا (٤) وكتبت (٥) :
أجاب الوابل الغدق |
|
وصاح النرجس الغرق |
فهات الكأس مترعة |
|
كان حبابها حرق |
زاد غيره (٦) :
يكاد لنور بهجته |
|
حواشي الكأس تحترق |
وقال :
فقد غنى بنان لنا : |
|
«جفون حشوها الأرق» |
قال علي بن يحيى : فعدل بنان بلحن الصوت إلى شعرها ، وغنانا فيه ، فشربنا عليه بقية يومنا حتى سكرنا.
قال : ونا الأصبهاني ، قال (٧) : حدّثني هاشم بن محمّد الخزاعي ، قال : حدّثني ميمون
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن «ز».
(٢) كذا بالأصل و «ز» ، والإماء الشواعر ، وفي الأغاني : جوانحه.
(٣) في الأغاني والإماء الشواعر جعل صدره عجزه وعجزه صدره.
(٤) الدرج : الورق الذي يكتب فيه.
(٥) البيتان في الأغاني والإماء الشواعر.
(٦) البيت التالي ليس في الأغاني ولا في الإماء الشواعر.
(٧) الخبر في الأغاني ٢١ / ٨٦ والإماء الشواعر ص ١٠٢.