قال إسحاق الموصلي :
بلغني أن الثريّا كانت من أكمل النساء ، وأحسنهم خلقا ، فكانت تأخذ جرّة من ماء فتفرغها على رأسها فلا تصيب باطن فخذها قطرة من عظم كفلها.
قال أبو سفيان بن العلاء :
بصرت الثريا بعمر بن أبي ربيعة وهو يطوف حول البيت فتنكّرت وفي كفّها خلوق فرجمته ، فأثّر الخلوق في ثوبه ، فجعل الناس يقولون : يا أبا الخطّاب ، ما هذا زيّ المحرم. فأنشأ يقول (١) :
أدخل الله ربّ موسى وعيسى |
|
جنّة الخلد من ملاني خلوقا |
مسحت كفّها بجيب قميصي |
|
حين طفنا (٢) بالبيت مسحا رفيقا |
فقال له عبد الله بن عمر : مثل هذا القول تقول في مثل هذا الموضع!؟ فقال له : يا أبا عبد الرّحمن قد سمعت مني ما سمعت ، فو ربّ هذه البنيّة (٣) ما حللت إزاري على حرام قطّ.
قال الزّبير بن بكّار :
لما صرمت (٤) الثريا عمر بن أبي ربيعة اشتدّ وجده بها ، دعا غلاما له ، ثم كتب معه في قرطاس (٥) :
من رسولي إلى الثّريا فإني (٦) |
|
ضقت ذرعا بهجرها واجتنابي (٧) |
وهي مكنونة (٨) تحيّر منها |
|
في أديم الخدّين ماء الشباب |
__________________
(١) البيتان من أربعة في ديوانه ص ٢٨٩ (ط. صادر) وذكر قصتهما أن نعم استقبلت عمر بن أبي ربيعة في المسجد الحرام وفي يدها خلوق فمسحت به ثوبه ومضت وهي تضحك ، فقال عمر ، الأبيات.
(٢) في الديوان :
مسحته من كفها بقميصي |
|
حين طافت ... |
(٣) يعني الكعبة.
(٤) صرمه يصرمه صرما : قطعه بائنا ، يكون في الحبل والعذق. وصرم فلان صرما : قطع كلامه. والصرم بالضم : الهجران والقطعة والمصارمة : المهاجرة ، (تاج العروس : صرم ، طبعة دار الفكر).
(٥) الأبيات في الأغاني ١ / ٢٢١ ـ ٢٢٢ والديوان ص ٦٣ ـ ٦٤.
(٦) الديوان : بأني.
(٧) الديوان والأغاني : والكتاب.
(٨) في مختصر ابن منظور : مكفوفة ، والمثب عن الديوان والأغاني.