إلى الفتك ، وكانت شاعرة متأدبة ، ولها فيه مرتبة ، ولها مع الأحوص أخبار.
قال ابن ماكولا (١) :
حبابة بفتح الحاء المهملة وتخفيف الباء التي تليها المعجمة بواحدة (٢).
حدث سلام الجمحي قال : بلغني أن مسلمة بن عبد الملك قال ليزيد بن عبد الملك (٣) :
يا أمير المؤمنين : ببابك وفود الناس ، ويقف ببابك أشراف العرب ، فلا تجلس لهم ، وأنت قريب عهد بعمر بن عبد العزيز ، وقد أقبلت على هؤلاء الإماء؟!.
قال : إنّي لأرجو ألا تعاتبني على هذا بعد اليوم.
فلما خرج مسلمة من عنده استلقى على فراشه ، وجاءت حبابة جاريته فلم يكلمها ، فقالت : ما دهاك؟ فأخبرها بما قال مسلمة ، وقال : تنحّي عني حتى أفرغ للناس ، قالت : فأمتعني منك يوما واحدا ، ثم اصنع ما بدا لك ، قال : نعم ، فقالت لمعبد (٤) : كيف الحيلة؟ قال : يقول الأحوص أبياتا ، وتغنّي فيها! قالت : نعم ، فقال الأحوص (٥) :
ألا لا تلمه اليوم أن يتبلّدا |
|
فقد غلب (٦) المحزون أن يتجلّدا |
إذا كنت عزهاة (٧) عن اللهو والصّبا |
|
فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا |
فما العيش إلّا ما تحبّ (٨) وتشتهي |
|
وإن لام فيه ذو الشنان (٩) وفنّدا |
فغنى به معبد ، وقال : مررت البارحة بدير نصارى ، وهم يقرءون بصوت شج فحاكيته في هذا الصوت ، فلما غنّته حبابة قال : فعل الله بمسلمة ، صدقت ، والله لا أطعتهم أبدا.
__________________
(١) الاكمال لابن ماكولا ٢ / ٣٧٢.
(٢) وذكر ابن ماكولا : حبابة قينة كانت ليزيد بن عبد الملك ، وينسب إليها شعر.
(٣) الخبر والشعر في الأغاني ١٥ / ١٢٨ ـ ١٢٠ باختلاف الرواية ، ومروج الذهب ٣ / ٢٤٠ والعقد الفريد ٦ / ٧٠.
(٤) من المغنين المشهورين ، وهو أستاذ حبابة في الغناء ، تقدمت ترجمته في تاريخ مدينة دمشق ٥٩ / ٣٢٨ رقم ٧٥٤٥ طبعة دار الفكر.
(٥) هو الشاعر المشهور الأحوص بن محمد بن عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح.
(٦) في العقد الفريد : منع.
(٧) عزهاة : هو الرجل الذي لا يقرب النساء ويعرض عنهن زهوا وكبرا وأنفة ، وصدره في الأغاني ومروج الذهب والعقد الفريد : إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى.
(٨) في المصادر : تلذ.
(٩) الشنان والشنآن : العداوة والبغض.