وقيل :
إن يزيد قال لجاريته حبابة وكان عاشقا لها شديد الوجد بها ، فقال لها يوما : إني قد وليت فلانا الخادم ما حوته يدي شهرا لأخلو أنا وأنت فلا يشغلنا أحد.
فقالت : إن كنت وليته فقد عزلته أنا ، فغضب لذلك وخرج من المجلس الذي كان فيه.
فلما أضحى النهار ولم يرها ضاق صدره ، وقلّ صبره ، فدعا بعض خدمه وقال : اذهب فانظر ما الذي تصنع حبابة؟ فمضى الخادم ثم رجع فقال : رأيتها مؤتزرة بإزار خلوقي مرتدية برداء أصفر ، وهي تلعب بلعبها.
فقال : احتل في أن تجيز (١) علي ، فذهب الخادم فلاعبها ، ثم استل لعبة من لعبها وعدا بين يديها فتبعته تعدو وراءه ، فمرت على يزيد ، فلما بصر بها ، قام إليها فاعتنقها وقال لها : فإني قد وليته ، قال : فولي الخادم وعزل وهو لا يدري.
ثم إنه خلا معها أياما وتشاغل عن النظر في أمور الناس ، فدخل عليه مسلمة وعذله على ذلك ، فأخذت العود وغنته :
ألا لا تلمه اليوم أن يتبلدا
قال أبو إسحاق : غنت جارية بين يدي يزيد بن عبد الملك (٢) :
وإنّي لأهواها وأهوى لقاءها |
|
كما يشتهي الصادي الشراب المبرّدا |
فراسلتها سلامة (٣) فغنت (٤) :
علاقة حبّ كان (٥) في سنن الصبا |
|
فأبلى وما يزداد إلّا تجلّدا |
فغنت حبابة (٦) :
كريم قريش حين ينسب والذي |
|
أقر له بالفضل كهلا وأمردا |
__________________
(١) أي تمر عليّ.
(٢) من أبيات غنتها سلّامة للأحوص ، في الأغاني ١٥ / ١٣٤.
(٣) انظر أخبارها في مروج الذهب ٣ / ٢٣٩.
(٤) البيت للأحوص ، الأغاني ١٥ / ١٣٤.
(٥) الأغاني : لجّ.
(٦) البيت للأحوص ، الأغاني ١٥ / ١٣٤ وروايته فيها :
كريم قريش حين ينسب والذي |
|
أقرت له بالملك كهلا وأمردا |