والأول معارض بالأصل ، إمّا بنفسه ، لجريانه في المقام ولو كان عبادة ، بناءً على عدم شرطيتها فيها ، بل هي واجبة خارجية لا يبطل الوضوء بفواتها ، كما هو ظاهر أكثر أصحاب هذا القول ، حيث جعلوا الشرط خصوص عدم الجفاف ، وأبطلوا الوضوء به لا بفواتها ، من حيث عدم تعلقه حينئذ بالعبادة مطلقاً بل بالتكليف الخارجي ، ولا فرق حينئذ بينها وبين غيرها .
أو به بمعونة ما دلّ على عدم البطلان إلّا بالجفاف من الأخبار لو قيل باشتراطها في الصحة لا وجوبها على حدة ، كما عن المبسوط (١) .
والثاني معارض بهما (٢) ، مضافاً إلى عدم انطباقه (٣) على قول الأكثر من أصحاب هذا القول .
والثالث مردود بعدم إفادة الأمر الفورية على الأظهر الأشهر ، والشك في إفادة الفاء المزبور لها للاختلاف فيها ، ومنع الإِجماع في مثل المقام . وعلى تقدير تسليم الفورية فالثابت منها إنما هو بالنظر إلى نفس الوضوء ومجموعه لا أبعاض أفعاله وأجزائه ( ولو سلّم فمفادها الفورية بالنسبة إلى غسل الوجه بالإِضافة إلى إرادة القيام إلى الصلاة ، ولا قائل بها ، وصرفها إلى غسل اليدين وما بعده خاصة ممّا كاد أن يقطع بفساده ) (٤) .
والإِتباع المأمور به في الخبرين مراد به الترتيب ظاهراً على ما يشهد به سياقهما ، ومع التنزل فالاحتمال كاف في عدم الدلالة .
وهل يعتبر في الجفاف ـ على القول به ـ جفاف جميع ما سبق ؟ كما هو الأشهر الأظهر ، وعن المعتبر والمنتهى والتذكرة ونهاية الإِحكام والبيان وظاهر
____________________
(١) المبسوط ١ : ٢٣ .
(٢) أي الأصل وما دلَّ على عدم البطلان . منه رحمه الله .
(٣) من حيث دلالته على الشرطية وعدم القبول إلّا بها . منه رحمه الله .
(٤) ما بين القوسين في « ل » .