ويحصل التميز باُمور :
الأوّل : الاختلاف في الصفات المتقدمة ، منها الثخانة ، لوصف الاستحاضة في بعض الأخبار بالرقة ، فتجعل ما بصفة الحيض حيضاً والباقي استحاضة .
وأمّا إلحاق الرائحة الكريهة بصفات الحيض وضدّها بصفات الاستحاضة فلا دليل عليه سوى التجربة ، ولا يستفاد منها سوى المظنة ، وفي اعتبارها في مثل المقام مناقشة ، لمخالفته الأصل ، لإِناطة التكليف بالاسم ، ومقتضاها حصول العلم به ، فالاكتفاء بالمظنة بدله يحتاج إلى دليل .
فلا تميز لفاقدة الصفات المنصوصة ، كما لا تميز لواجدتها للاستحاضة أو للحيض خاصة ، إجماعاً في المتساوية منها قوةً وضعفاً ، وعلى الأظهر في المختلفة جدّاً .
خلافاً للفاضلين وجماعة (١) ، فحكموا بالتميز هنا ، وأوجبوا الرجوع في الحيض إلى الأقوى ، وفي الاستحاضة إلى الأضعف .
واعتبروا القوة بأُمور ثلاثة : اللون ، فالأسود قويّ الأحمر ، وهو قويّ الأشقر ، وهو قويّ الأصفر ، وهو قويّ الأكدر . والرائحة ، فذو الرائحة الكريهة قويّ ما لا رائحة له أو رائحة ضعيفة . والثخن ، فالثخين قويّ الرقيق . وذو الثلاث قويّ ذي الاثنين ، وهو قويّ ذي الواحدة ، وهو قويّ العادم .
وفيه ما عرفت ؛ إلّا أن يدّعى حصول الظن بالاستقراء وتتبّع موارد الحيض باكتفاء الشارع بالمظنة لها في تعيين حيضها . وهو غير بعيد .
ثم إن اختلفت الدماء ثلاث مراتب ، كأن رأت الحمرة ثلاثاً والسواد
____________________
(١) المحقق في المعتبر ١ : ٢٠٥ ، العلامة في نهاية الإِحكام ١ : ١٣٥ ؛ وانظر جامع المقاصد ١ : ٢٩٧ ، المسالك ١ : ١٠ ، المدارك ٢ : ١٥ .