تمدح ، ولا تكسر أيضا حتى لا يلتبس بلغة : تعلم (١).
فإن قيل : يلزم الالتباس أيضا بالفتحة بين المخاطب والغائبة؟.
قلنا : في الفتحة موافقة بينها وبين أخواتها مع (٢) خفّة (٣) الفتحة.
فإن قيل (٤) : لم أدخل في آخر المستقبل نون؟.
قلنا : علامة للرفع (٥) ؛ لأن آخر الفعل صار باتصال ضمير الفاعل بمنزلة وسط
______________________________________________________
(١) أي : بلغة من يكسر حرف المضارعة إذا كان الماضي مكسور العين كما مر ، والحاصل أنه لو كسرت التاء في إحدى الصيغتين لتوهم المتوهم أن ماضيه مكسور العين فيلزم الالتباس بباب آخر وهو فاسد ؛ لأن معاني الأبواب مختلفة فعلم أنه لا سبيل إلى شيء مما ذكره من وجوه الفرق فتعين الفتح. اه حنفية.
(٢) هذا دليل آخر يوجب ترجيح الفتحة على أخويها ، وهو أن الفتح أخف من الكسرة والضمة وهما ثقيلان ، والمطلوب هو الخفة فبالضرورة اختير هذا الالتباس. اه
(٣) ولما لم يكن الفرق بينهما لفظا أبقيا على حالهما واكتفي بالفرق التقديري ، وذلك أن تاء الغائبة تاء التأنيث التي في الماضي ، لكنها قدمت للالتباس فلم تكن مبدلة من شيء ، بخلاف التاء في المخاطب فإنها مبدلة من الواو كما مر ، وأيضا يفرق بينهما بما تحتهما فإن الغائبة يستتر تحتها هي ، والمخاطب يستتر تحته أنت ، وقس على مفرديهما تثنيتهما في الوجهين. اه ابن كمال باشا.
(٤) قوله : (فإن ... إلخ) توضيحه أن فعل المستقبل وقت كونه مفردا كان مرفوعا فلما اتصل ألف التثنية أو واو الجمع أو ياء المخاطبة المفردة علم كون فاعله تثنية أو جمعا ، أو مفردة مخاطبة فما فائدة زيادة النون في آخر المستقبل. اه عبد الأحد.
(٥) قوله : (علامة للرفع) يعني لما كان المضارع معربا ومرفوعا بعامل معنوي ، وأصل الإعراب الإعراب بالحركات ولم يمكن ذلك في آخر التثنية والجمع والمخاطبة المفردة حقيقة بسبب اتصال الضمائر لها ؛ لأنه صار آخر الفعل حينئذ بمنزلة وسط الكلمة وهو لا يكون متعقبا للإعراب ، ولأن الضمائر أوجبت كون ما قبلها على وجه واحد فما قبل الألف مفتوح أبدا ، وما قبل الواو مضموم أبدا ، وما قبل الياء مكسور أبدا ، ولم يمكن أيضا أن يجعل الضمائر حروف الإعراب ؛ لأنها في الحقيقة ليست من نفس الكلمة ؛ ولأنها يلزم حينئذ سقوطها بالجوازم وسقوط العلامة غير جائز ، ولم يكن أيضا الحركة على الضمائر أنفسها ؛ لأنها أسماء فلا يعرب بإعراب الفعل ، إذ لا يجوز جعل كلمة محلا لإعراب كلمة أخرى ولأنها مبنية ، فلم تكن متعقب الإعراب ، ولأن فيها ما لا يقبل الحركة البتة وهو الألف وفيها ما يستثقل وهو الواو والياء فلا بد في تثنيته وجمعه من زيادة حرف ينوب مناب الحركة لما قلنا من امتناع الحركة بالألف والواو والياء ، وأولى الحروف بذلك حروف المد واللين ؛ لكثرة دورانها في الكلام حتى لا تخلو كلمة عنها ، أو عن أبعاضها وهي الحركات ؛ لقبولها التغير ـ