فصل :
في الأمر (١) والنهي
الأمر صيغة (٢) يطلب بها الفعل عن الفاعل (٣) ، مثل : ليضرب ... إلخ ، وهو مشتق من المضارع (٤)
______________________________________________________
(١) قوله : (في الأمر ... إلخ) أخّر الأمر من المستقبل ؛ لكونه مأخوذا منه ، وقدم الغائبة منه لبقاء صيغة المضارع فيه ، وقيل : أخر الأمر عن المستقبل ؛ لأن المستقبل مشترك بين الحال والاستقبال والأمر مختص بالمستقبل ؛ لأن الإنسان إنما يؤمر بما لم يفعله ليفعله ، فالترتيب بينهما بحسب ترتيب الزمان ، والأمر في اللغة يطلق على الفعل والحال يقال : أمر فلان مستقيم أي : فعله وحاله ، ومنه قوله تعالى : (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) [هود : ٩٧] ، أي : فعله ، وهو بهذا المعنى جامد لا مصدر ، وجمعه أمور وعلى مصدر أمره بكذا ، أي : قال له : افعل كذا ، وجمعه أوامر وعلى مصدر أمرته بمعنى كثرته ، وفي الاصطلاح ما ذكره المصنف رحمهالله بقوله : الأمر صيغة ... إلخ. اه ابن كمال باشا.
(٢) فقوله : (صيغة) بمنزلة الجنس يشمل الأفعال كلها ، وباقي قيوده كالفصل يخرج ما عدا الأمر من الماضي والمضارع ؛ لأنه لا يطلب بهما الفعل من الفاعل. اه فلاح شرح مراح.
(٣) قوله : (عن الفاعل) ولم يقل من المخاطب ليتناول أمر الغائب ، والمراد من الفاعل ههنا الاصطلاحي وهو ما أسند إليه عامله مقدما عليه ، لا ما أحدث الفعل بدلالة إطلاق الأمر على الصيغة المأخوذة من قولهم : مات زيد ، وطلب الخير ، نحو مت واطلب ، فيتناول مرفوع الفعل المبني للفاعل والمبني للمفعول أيضا ، كذا حقق فظهر بطلان ما قيل : إن التعريف ليس بجامع ؛ لأن الأمر قد يكون ببناء المجهول فلا يطلب به حينئذ الفعل من الفاعل. وبطلان جوابه أيضا بأن بناء الأمر للمجهول نادر الوجود وهذا الحد بالنظر إلى الأكثر.
فإن قلت : إن الحد منقوض بمثل اترك ؛ لأنه أمر مع أنه لا يطلب به الفعل من الفاعل بل يطلب به تركه.
قلت : معنى ترك الضرب مثلا كف النفس عن الضرب ، وكف النفس فعل من أفعالها وهو المطلوب بلفظ اترك ، كذا قيل. اه فلاح شرح مراح الأرواح.
(٤) فإن قيل : أخذ الأمر من المضارع على قول من جعله حقيقة للحال مشكل للزوم المحال ـ