لمناسبة بينهما في الاستقبالية (١).
وزيدت اللام (٢) في الأمر الغائب لأنها من وسط المخارج ، والغائب أيضا وسط بين المتكلم والمخاطب ، وأيضا (٣) من الحروف الزوائد ، والحروف الزوائد هي التي يشملها قول الشاعر (٤):
هويت (٥) السّمانا فشيّبنني |
|
وقد كنت قدما هويت السّمانا (٦) |
______________________________________________________
فيه ؛ وذلك لأن المضارع للحال والملحوظ في الأمر هو المطالبة في المآل ففي اتخاذ الأمر منه يلزم المحال؟.
قلنا : إن من جعله حقيقة للحال لا ينكر استعماله في الاستقبال فأخذ الأمر منه على هذا القول إنما يكون فيما إذا استعمل للاستقبال. اه حنفية.
وهذا ينافي ما قاله في صدر الكتاب : واشتقاق تسعة أشياء من كل مصدر ، فيحمل أن المراد به المصدر مرجع الكل ولو بواسطة فلا منافاة فافهم. اه مهديه.
(١) قوله : (في الاستقبالية) يعني أن كل واحد منهما يدل على الاستقبالية أما المضارع فظاهر ، وأمّا الأمر فلأنّ الإنسان إنما يؤمر بما لم يفعله ليفعله ، وقيل : لا يجوز أن يشتق الأمر من الماضي ؛ لأنه يؤدي إلى تحصيل الحاصل وهو محال فتعين المضارع إذ الأمر لا يؤخذ من الأمر. اه فلاح.
(٢) قوله : (وزيدت ... إلخ) هذا شروع في بيان كيفية أخذ أمر الغائب من المضارع ، يعني إذا أريد أخذ أمر الغائب من المضارع زيدت في أوله اللام ليحصل الفرق بينه وبين المضارع ويجزم آخره بها ، وخصت اللام بالزيادة من بين حروف الزوائد ؛ لأنها من وسط ... إلخ. اه أحمد رحمهالله تعالى.
(٣) قوله : (وأيضا ... إلخ) والحق أن يقدم قوله : وأيضا من الحروف الزوائد ، على قوله : لأنها من وسط المخارج ... إلخ ؛ لأن هذا القول وجه التخصيص ، وقوله : وأيضا من الحروف ...
إلخ وجه مطلق الزيادة. اه مولوي غلام رباني صاحب.
(٤) قوله : (هويت ... إلخ) قال ابن جني : حكي أن أبا العباس سأل أبا عثمان المازني عن حروف الزيادة فأنشد : هويت السمانا ... البيت ، فقال : أنا أسألك عن حروف الزوائد وأنت تنشد لي الشعر ، فقال : قد أجبتك دفعتين ، يريد هويت السمانا. اه شمس الدين رحمهالله.
(٥) هويت بمعنى أحببت ، والسمان بالسين جمع سمين بوزن فعيل وهو ضد المهزول ، وموصوفه محذوف تقديره أحببت النساء السمان ، فشيبنني وإسناد الشيب إليهن كناية من كثرة مصاحبته لهن ، فكأنه قال : إني مصاحبهن في أول شبابي إلى زمان شيبي. ويحتمل أن يكون كناية عن عدم مساعدتهن له ، وقدما بكسر القاف وسكون الدال اسم من القدم بوزن العنب جعل اسما من أسماء الزمان ، يقال : قدما كذا وكذا أي : زمانا طويلا. اه مولينا أحمد رحمهالله تعالى.
(٦) البيت من البحر السريع ، وهو بلا لامرئ القيس في ديوانه ص ٤٥ ، وخزانة الأدب للبغدادي ٨ / ٣٥٧.