نحو : ضارب وضاربان (١) وضاربون.
واستتر في المرفوع دون المنصوب والمجرور ؛ لأنه (٢) بمنزلة جزء الفعل ، واستتر في المفرد الغائب والغائبة دون التثنية والجمع ؛ لأن الاستتار (٣) خفيف ، فإعطاء الخفيف للمفرد السابق أولى (٤) ، ودون المتكلم والمخاطب اللذين في
______________________________________________________
(١) قوله : (وضاربان ... إلخ) وهند ضاربة ، وهندان ضاربتان ، وهندات ضاربات.
قال بعض المحققين : وإنما استتر في الصفات فإن الصفة إن كان مذكرا واحدا تدل على أن فاعله واحد مذكر ، وكذا إذا كان مثنى أو مجموعا يدل على تثنية فاعله وجمعه ، وكذا الحال في الصفة إذا كانت مؤنثا ؛ لأن الصفات تكون مطابقة للموصوف وهو فاعل الصفة ، فبعد وجود الدلائل الدالة على أحوال الفاعل في هذه الأمثلة لا حاجة إلى الإبراز ، ولا شك أن عدم الإبراز في الكل يدل على أن فاعل الكل مستتر.
وقال بعضهم : إنما استتر في الصفات ؛ لأن الألف والواو في التثنية والجمع ليسا بضمير كما يجيء فلو أبرز الألف في التثنية والواو في الجمع يلزم اجتماع الألفين والواوين ، فاستتر الألف في الجمع المذكرين ، وكذا استتر النون في ضاربات ومضروبات تبعا للمذكر ؛ إذ هو الأصل ، فإذا استتر في المثنى والجمع كان الاستتار في المفرد أجدر وأولى ، فيلزم الاستتار في الكل فلا ترى ضميرا بارزا في الصفات وهو المطلوب.
ومما يجب أن يعلم أن الصفات كالجوامد الخالية عن الضمير من حيث إنها لا تتغير عند تبدل ضمائرها غيبة وخطابا وتكلما ، فالمستتر فيه جاز أن يكون غائبا ومخاطبا ومتكلما ، فيجوز أن يقال : زيد ضارب ، وأنت ضارب ، وأنا ضارب ، وكذا في التثنية والجمع.
فإن قلت : لم لم يذكر المصنف الظروف والجار والمجرور وأسماء الأفعال مع أن الضمير المرفوع يستتر فيها؟.
قلت : إنما لم يذكرها لأن نظره مقصور على المشتقات ، كما أشرنا إليه في صدر الكتاب ، وهذه الثلاثة ليست منها. اه من الإيضاح والفلاح.
(٢) ولأن الضمير المرفوع فاعل ، والفعل يحتاج إليه ويستلزمه ، فكان ذكر الفعل دليلا عليه فلا يخل استتاره ، بخلاف المنصوب والمجرور فإن ذكر الفعل لا يدل على ذكر المنصوب ؛ لأنه ضمير مفعول والفعل لا يستلزم المفعول كاستلزام الفاعل فافترقا. اه عبد الأحد.
(٣) قوله : (لأن الاستتار) أي : استتار الضمير خفيف إذ لا علامة له لفظا ، فلأن الضمير المستتر أمر معدوم إلا أنه اعتبر لتصحيح اللفظ إذ لا يوجد الفعل بدون الفاعل. اه جلال الدين.
(٤) قوله : (أولى) إذ المفرد أيضا خفيف بالنسبة إلى التثنية والجمع لفظا ومعنى ، فبينهما مناسبة في التخفيف فلذا أعطي الاستتار له. اه مهدي.