الزبير ، فاللازم عليهم أن يخرجوا يزيد بن معاوية منهم ويتمّوا العدد بالمهدي صونا للأخبار النبوية عن الاختلاف والمعارضة.
الوجه الثامن : عدّهم عبد الملك بن مروان من الخلفاء الاثني عشر العاملين بالحق الذين بعد انقضائهم يصير الهرج ، وفي عصرهم يكون الدين قائما عزيزا ، وهذا موضع التعجّب ، أليس في عهدهم هدم الحجّاج وأصحابه الكعبة الشريفة ورموها بالمنجنيق وفعلوا ما فعلوا في حرم الله تعالى من الهتك (١)؟ أليس في عهده استخفّوا بأهل المدينة وختموا في أعناق بقيّة الصحابة وأيديهم ، كجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وسهل بن سعد الساعدي ليذلّوهم بذلك وجعلوهم بمنزلة العبيد ، بل المواشي والأنعام؟ (٢) ومن عظم هذه المصيبة الفادحة قال السيوطي (٣) بعد نقلها : إنّا لله وإنّا إليه راجعون. أليس في عهده ولي الحجاج العراق وما والاها في عشرين سنة وفعل ما فعل من القتل والحبس والنهب والهدم وغيرها من الامور الفظيعة الشنيعة ما لا يدانيه أحد قبله ولا بعده. قال عمر بن عبد العزيز : لو أنّ الامم تخابثت يوم القيامة فأخرجت كلّ أمّة خبيثها ثمّ أخرجنا الحجّاج لغلبناهم.
روي : لمّا ولي عمر بن عبد العزيز جعل لا يدع شيئا ممّا كان في يده وفي يد أهل بيته من المظالم إلّا ردّها مظلمة مظلمة ، فبلغ ذلك عمر بن الوليد بن عبد الملك فكتب إليه : إنّك ازدريت على من قبلك من الخلفاء وسرت بغير سيرتهم وخصصت أهل قرابتك بالظلم والجور. فكتب إليه عمر : أمّا أوّل شأنك يا ابن الوليد كما تزعم وأمّك بنانة تطوف في سوق حمص والله أعلم بها ، اشتراها ذيبان من فيء المسلمين ، ثمّ أهداها لأبيك فحملت بك فبئس المحمول وبئس المولود ، ثمّ نشأت فكنت جبّارا عنيدا تزعم أنّي من الظالمين.
وإنّ أظلم منّي وأترك لعهد الله من استعملك صبيا سفيها على جند المسلمين ، تحكم فيهم برأيك ، فويل لك وويل لأبيك ، ما أكثر خصماء كما يوم القيامة ، وكيف ينجو أبوك من خصمائه ، وإنّ أظلم منّي وأترك لعهد الله من استعمل الحجّاج بن يوسف ليسفك الدم الحرام ويأخذ المال الحرام ، وإنّ أظلم منّي وأترك لعهد الله من استعمل قرة بن شريك
__________________
(١) الكافي : ٢ / ٦٤ ، والمصنف لابن أبي شيبة : ١ / ٣٥٢ و: ٧ / ٢٤٨.
(٢) راجع ما له من فضائح في كتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢١٤ و ٢١٨ خلافة عبد الملك بن مروان.
(٣) تاريخ الخلفاء : ٢٢٠.