أنّ الخدم كذّبوني وقالوا لم تصدق.
فلمّا انصرف الرجل وانصرف والدي أخبرته بالقصّة فقال لي : يا بني ، الذي أخرجني إلى ذلك المكان وتحمّل الخطر كان لذلك النهر ولم ارزق أنا ، وأنت رزقته وسوف يطول عمرك حتّى تملّ الحياة ، ورحلنا منصرفين وعدنا إلى أوطاننا وبلادنا وعاش والدي بعد ذلك سنيّا ثمّ مات رحمهالله ، فلمّا بلغ سنّي قريبا من ثلاثين سنة ، وكان قد اتصل بنا وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ووفاة الخليفتين بعده خرجت حاجّا فلحقت آخر أيّام عثمان ، فمال قلبي من بين جماعة أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى علي بن أبي طالب عليهالسلام فأقمت معه أخدمه وشهدت معه وقائع ، وفي وقعة صفّين أصابتني هذه الشجة من دابته ، فما زلت مقيما معه إلى أن مضى لسبيله فألحّ عليّ أولاده وحرمه أن اقيم معهم فلم أقم ، وانصرفت إلى بلدي وخرجت أيام بني مروان حاجّا وانصرفت مع أهل بلدي إلى هذه الغاية ، وما خرجت إلّا ما كان الملوك في بلاد المغرب يبلغهم خبري وطول عمري فشخصوني إلى حضرتهم ليروني ويسألوني عن سبب طول عمري وعمّا شاهدت ، وكنت أتمنّى واشتهي أن أحجّ حجّة اخرى فحملني هؤلاء حفدتي وأسباطي الذين ترونهم حولي. وذكر أن أسنانه سقطت مرّتين أو ثلاثة.
فسألناه أن يحدّثنا بما سمع من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فذكر أنّه لم يكن حرص ولا همّ في طلب العلم وقت صحبته لعلي بن أبي طالب عليهالسلام ، والصحابة أيضا كانوا متوافرين ، فمن فرط ميلي إلى علي عليهالسلام ومحبّتي له لم أشتغل بشيء سوى خدمته وصحبته ، والذي كنت أتذكّره ممّا كنت سمعت منه قد سمعه منّي عالم كثير من الناس ببلاد المغرب ومصر والحجاز وقد انقرضوا وتفانوا ، وهؤلاء أهل بلدي وحفدتي قد دوّنوه ، فأخرجوا إلينا النسخة وأخذ يملي علينا من خطّه : حدّثنا علي بن عثمان بن خطاب بن مرّة بن مؤيّد الهمداني المعروف بأبي الدنيا المعمّر المغربي رضياللهعنه حيّا وميّتا قال : حدّثنا علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من أحبّ أهل اليمن فقد أحبّني ومن أبغض أهل اليمن فقد أبغضني».
وحدّثنا أبو الدنيا المعمر قال : حدّثني علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :من أعان ملهوفا كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيّئات ، ورفع له عشر درجات ثمّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من سعى في حاجة أخيه المسلم ولله فيها رضا وله فيها صلاح