قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) (١) الآية ، فقلت له : ما طعامك؟ فقال لي : آكل ماء اللحم والكرّاث ، وسألته : هل يخرج منك شيء؟ فقال : في كل اسبوع مرّة شيء يسير ، وسألته عن أسنانه فقال : أبدلتها عشرين مرّة ، ورأيت له في اسطبله شيئا من الدواب أكبر من الفيل يقال له زند فيل فقلت له : ما تصنع بهذا؟
قال : يحمل ثياب الخدم إلى القصار ومملكته مسيرة أربع سنين في مثلها ، ومدينته طولها خمسون فرسخا في مثلها ، وعلى كلّ باب منها عسكر مائة ألف وعشرين ألفا ، إذا وقع في أحد الأبواب حدث خرجت تلك الفرقة إلى الحرب لا تستعين بغيرها وهو في وسط المدينة. وسمعته يقول : دخلت العرب فبلغت إلى الرمل ، رمل عالج ، وصرت إلى قوم موسى فرأيت سطوح بيوتهم مستوية وبيدر الطعام خارج القرية ، يأخذون منه القوت والباقي يتركونه هناك ، وقبورهم في دورهم وبساتينهم من المدينة على فرسخين ليس فيهم شيخ ولا شيخة ، ولم أر فيهم علّة ولا يعتلون إلى أن يموتوا ، ولهم أسواق إذا أراد الإنسان منهم شراء شيء صار إلى السوق فوزن لنفسه وأخذ ما يصيبه وصاحبه غير حاضر ، وإذا أراد الصلاة حضروا فصلّوا وانصرفوا ، لا يكون بينهم خصومة ولا كلام يكره إلّا ذكر الله عزوجل والصلاة وذكر الموت (٢).
قال الصدوق رحمهالله : إذا كان عند مخالفينا مثل هذا الحال لسربايك ملك الهند فينبغي أن يحيلوا مثل ذلك في حجّة الله من التعمير ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم (٣).
الثلاثون من المعمّرين : في الدمعة عن كنز الكراجكيّ عن معاوية بن فضلة : كنت في الوفد الذين وجّههم عمر بن الخطاب وفتحنا مدينة حلوان ، وطلبنا المشركين في الشعب فلم نقدر (٤) عليهم ، فحضرت الصلاة فانتهيت إلى ماء فنزلت عن فرسي ، وأخذت بعنانه وتوضّأت وأذّنت فقلت : الله أكبر ، فأجابني شيء من الجبل وهو يقول : كبرت تكبيرا ، ففزعت لذلك فزعا شديدا ونظرت يمينا وشمالا فلم أر شيئا فقلت : أشهد أن لا إله إلّا الله ، فأجابني وهو يقول : الآن حين أخلصت ، فقلت : أشهد أنّ محمّدا رسول الله ، فقال : نبي بعث ، فقلت : حي على الصلاة ، فقال : فريضة افترضت ، فقلت : حي على الفلاح ، فقال : قد أفلح من أجابها
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٩١.
(٢) كمال الدين : ٦٤٢ ، والبحار : ١٤ / ٥٢٠ ح ٥.
(٣) كمال الدين : ٦٤٢ ح ١ باب ٥٤.
(٤) في نسخة : يردوا.