واستجاب لها ، فقلت : قد قامت الصلاة ، فقال : البقاء لامّة محمّد وعلى رأسها تقوم الساعة. فلمّا فرغت من أذاني ناديت بأعلى صوتي حتّى أسمعت ما بين لابتي الجبل فقلت : إنسي أم جنّي؟
قال : فأطلع رأسه من كهف الجبل فقال : ما أنا بجنّي ولكنّي إنسي ، فقلت له : من أنت يرحمك الله؟ قال : أنا رزيب بن ثملا من حواريي عيسى ابن مريم ، أشهد أنّ صاحبكم نبيّ وهو الذي بشّر به عيسى ابن مريم ، ولقد أردت الوصول إليه فحالت فيما بيني وبينه فارس وكسرى وأصحابه ، ثمّ أدخل رأسه في كهف الجبل فركبت دابتي ولحقت بالناس وسعد بن أبي وقاص أميرنا فأخبرته بالخبر فكتب بذلك إلى عمر بن الخطّاب فجاء كتاب عمر يقول : الحق الرجل ، فركب سعد وركبت معه حتّى انتهينا إلى الجبل فلم نترك كهفا ولا شعبا ولا واديا إلّا التمسناه فيه ولم نقدر عليه ، وحضرت الصلاة.
فلمّا فرغت من صلاتي ناديت : يا صاحب الصوت الحسن والوجه الجميل قد سمعنا منك كلاما حسنا فأخبرنا من أنت يرحمك الله ، أقررت بالله تعالى ووحدانيته فأنا عبد الله ووفد نبيّه. قال : فأطلع رأسه من كهف الجبل فإذا شيخ أبيض الرأس واللحية ، له هامة كأنّه رحى فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قلت : وعليك السلام ورحمة الله ، من أنت يرحمك الله؟ قال : أنا رزيب بن ثملا وصي العبد الصالح عيسى ابن مريم عليهالسلام ، كان سأل ربّه لي البقاء إلى نزوله من السماء ، وقراري في هذا الجبل ، وأنا موصيكم ، سددوا وقاربوا ، وإيّاكم وخصال لا تظهر في أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله فإن ظهرت فالهرب الهرب ، ليقوم أحدكم على نار جهنّم حتّى يطفأ عنه خير من البقاء في ذلك الزمان. الخبر (١).
الحادي والثلاثون رجل معمّر ذو قلاقل ، ذكر السيّد النسابة العلّامة علي بن عبد الحميد الحسيني النجفي قدّس الله روحه في كتابه المسمّى بالأنوار المضيئة في الحكمة الشرعية : روى الجدّ السعيد عبد الحميد يرفعه إلى الرئيس أبي الحسن الكاتب البصري وكان من الأشدّاء الأدباء قال : سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة أشنت (٢) البرّ سنين عدّة وبعثت السماء درّها في أكناف البصرة وتسامع العرب بذلك ، فوردوها من الأقطار البعيدة والبلاد النائية
__________________
(١) كنز الفوائد : ٥٩ ، ومستدرك الوسائل : ١٢ / ٣٣٢.
(٢) أشنت : هجمت وأغارت وحمشت.