في أمّ رأسه وقال للخدم : أجلسوني ، فلم تزل أيديهم تتهاداه بلطف إلى أن جلس وستر بالأزر التي طرحت على المخاد.
ثمّ قال لنا : يا بني أخي لاحدّثنّكم بخبر تحفظونه عنّي وتفيدون منه ما يكون فيه ثواب لي : كان والدي لا يعيش له ولد ويحب أن يكون له عاقبة ، فولدت له على كبر ففرح بي وابتهج بمولدي ثمّ قضى ولي سبع سنين ، فكفلني عمّي بعده وكان مثله في الحذر علي ، فدخل بي يوما على رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال له : يا رسول الله إنّ هذا ابن أخي وقد مضى أبوه لسبيله وأنا كفيل بتربيته ، وإنّني أنفس به على الموت فعلّمني عوذة أعوذه بها ليسلم ببركتها.
فقال صلىاللهعليهوآله : أين أنت عن ذات القلاقل. فقال : يا رسول الله وما ذات القلاقل؟ قال صلىاللهعليهوآله : أن تعوذه فتقرأ عليه سورة الجحد (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) إلى آخرها ، وسورة الاخلاص (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) الخ ، وسورة الفلق (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) الخ ، وسورة الناس (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) الخ.
وأنا إلى اليوم أتعوّذ بها كل غداة فما أصبت بولد ولا اصيب لي مال ولا مرضت ولا افتقرت ، وقد انتهى بي السن إلى ما ترون فحافظوا عليها واستكثروا من التعوّذ بها ، فسمعنا ذلك منه وانصرفنا من عنده.
وإذا كان شخص من بعض أمّة محمّد النبيّ صلىاللهعليهوآله ولع على التعوّذ بأربع سور من قصيرات أحد أجزاء القرآن فعمّر هذا العمر الطويل وبلغ ببركتها ما بلغ كما قيل ، فما ظنّك بولد النبيّ صلىاللهعليهوآله الذي قد انتهى هذا القرآن وحكمه وفهمه وفوائده وعلمه إليه وهو القائم بإيضاحه وبيانه ، أليس هو ولي المسلمين والإسلام وصاحب زمانه؟ فما المانع أن يكون قد أعطاه الله تعالى من الخاصية وجعل له من المزية طول التعمير والبقاء على مرّ الدهور والأعوام ، ليقوم بما وجب في القرآن على المكلّفين من شرائع الإسلام وملّة جدّه الرسول صلىاللهعليهوآله؟ وهل يجحد ذلك إلّا من طبع على قلبه فكان من أصحاب الشيطان وحزبه ، اولئك الذين طبع الله على قلوبهم فأصمّهم وأعمى أبصارهم (١). (٢)؟
الثاني والثلاثون ، في العوالم عن عوالي اللئالي عن الشيخ جمال الدين حسن بن يوسف
__________________
(١) إشارة إلى قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) سورة محمد : الآية ٢٣.
(٢) مستدرك الوسائل : ٤ / ٣٨٩ ، والبحار : ٥١ / ٢٥٨.