وإنّما يرفعه عياله عند حاجته وضروراته ومكث على ذلك مدّة مديدة ، فدخل على عياله وأهله بذلك شدّة شديدة واحتاجوا إلى الناس واشتد عليهم الناس ، فلمّا كان سنة عشرين وسبعمائة هجرية في ليلة من لياليها بعد ربع الليل نبّه عياله فانتبهوا في الدار فإذا الدار والسطح قد امتلئا نورا يأخذ بالأبصار فقالوا : ما الخبر؟ فقال : إنّ الإمام جاءني وقال : قم يا حسين ، فقلت : يا سيدي أتراني أقدر على القيام؟ فأخذ بيدي وأقامني فذهب ما بي وها أنا صحيح على أتمّ ما ينبغي. وقال لي : هذا الساباط دربي إلى زيارة جدّي فأغلقه في كلّ ليلة ، فقلت : سمعا وطاعة لله ولك يا مولاي ، فقام الرجل وخرج إلى الحضرة الشريفة الغروية وزار الإمام وحمد الله تعالى على ما حصل له من الإنعام وصار هذا الساباط المذكور إلى الآن ينذر له عند الضرورات فلا يكاد يخيب ناذره من المبرّات ببركات الإمام القائمعليهالسلام(١).
الحكاية العاشرة : في جنّة المأوى للمحدّث النوري طاب ثراه عن السيّد المعظم المبجّل بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني النجفي عن الشهيد الأوّل في كتاب الغيبة عن الشيخ العالم الكامل القدوة المقرئ الحافظ المحمود الحاج المعتمر شمس الحق والدين محمد بن قارون قال : دعيت إلى امرأة فأتيتها وأنا أعلم أنّها مؤمنة من أهل الخير والصلاح فزوّجها أهلها من محمود الفارس المعروف بأخي بكر ويقال له ولأقاربه بنو بكر ، وأهل فارس مشهورون بشدّة التسنّن والنصب والعداوة لأهل الايمان ، وكان محمود هذا أشدّهم في الباب وقد وفّقه الله تعالى للتشيّع دون أصحابه فقلت : وا عجباه كيف سمح أبوك لك وجعلك مع هؤلاء النصّاب وكيف اتّفق لزوجك مخالفة أهله حتّى رفضهم؟ فقالت : يا أيّها المقرئ إنّ له حكاية عجيبة إذا سمعها أهل الأدب حكموا أنها من العجب.
قلت : وما هي؟ قالت : سله عنها سيخبرك. قال الشيخ : فلمّا حضرنا عنده قلت له : يا محمود ما الذي أخرجك عن ملّة أهلك وأدخلك مع الشيعة؟ فقال : يا شيخ لما اتضح لي الحقّ تبعته ، اعلم أنه قد جرت عادة أهل الفرس أنهم إذا سمعوا بورود القوافل يتلقونهم فاتّفق أنّا سمعنا بورود قافلة كبيرة فخرجت ومعي صبيان كثيرون وأنا إذ ذاك صبي مراهق ، فاجتهدنا في طلب القافلة بجهلنا ولم نفكّر في عاقبة الأمر وصرنا كلّما انقطع منّا صبي من التعب يرمونه إلى الضعف فضللنا عن الطريق ووقعنا في واد لم نكن نعرفه وفيه شوك وشجر
__________________
(١) إثبات الهداة : ٣ / ٧٠٥ باب ٣ ح ١٥٥ والبحار : ٥٢ / ٧٤.