ويغمد السيف فلا يسفك الدماء ويعيش الناس في البشر والهناء ويغسل بماء عدله عين الدهر من القذى ويرد الحق على أهل القرى ويكثر في الناس الضيافة والقرى ويرفع بعدله الغواية والعمى كأنّه كان غبارا فانجلى فيملأ الأرض عدلا وقسطا والأيّام حبّا وهو علم الساعة بلا امتراء (١).
وفي الينابيع عن الشيخ محيي الدين الطائي الأندلسي في حل الصحيفات الجفرية : ولما أطلعني الله على العوالم الماضية سألت عن شرحيهما فقال : إنّهما لا يعلمان إلّا ظاهره وإنّه إلى الآن مقفل فحله لي ، والإمام علي عليهالسلام ورث علم الحروف من سيّدنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وإليه الإشارة بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن أراد العلم فعليه بالباب ، وقد ورث علي كرّم الله وجهه علم الأوّلين والآخرين وما رأيت فيمن اجتمعت بهم أعلم منه.
قال ابن عبّاس : أعطي الإمام علي كرّم الله وجهه تسعة أعشار العلم وإنّه لأعلمهم بالعشر الباقي وهو أوّل من وضع مربع مائة في مائة في الإسلام وقد صنّف الجفر الجامع في أسرار الحروف وفيه ما جرى للأوّلين وما يجري للآخرين وفيه اسم الله الأعظم وتاج آدم وخاتم سليمان وحجاب آصف وكانت الأئمّة الراسخون من أولاده يعرفون أسرار هذا الكتاب الربّاني واللباب النوراني وهو ألف وسبعمائة مصدر المعروف بالجفر الجامع والنور اللامع وهو عبارة عن لوح القضاء والقدر ، ثمّ الإمام الحسين عليهالسلام ورث علم الحروف من أبيه كرّم الله وجهه ثمّ الإمام زين العابدين ورث عن أبيه عليهماالسلام ثمّ الإمام محمد الباقر عليهالسلام ورثه من أبيه ثمّ الإمام جعفر الصادق عليهالسلام ورثه من أبيه عليهالسلام وهو الذي غاص في أعماق أغواره واستخرج درره من أصداف أسراره وحلّ معاقد رموزه وفكّ طلاسم كنوزه وصنف الخافية في علم الجفر وجعل في خافية الباب الكبير ابتث وفي الباب الكبير أبجد إلى قرشت ونقل أنّه يتكلّم بغوامض الأسرار والعلوم الحقيقية وهو ابن سبع سنين ، وقال الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : علمنا غابر ومزبور وكتاب مسطور في رقّ منشور ونكت في القلوب ومفاتيح أسرار الغيوب ونقر في الأسماع ولا ينفر عنه الطباع وعندنا الجفر الأبيض والجفر الأحمر والجفر الإكسير والجفر الأصفر ومنّا الفرس الغوّاص والفارس القنّاص فافهم هذا اللسان الغريب والبيان العجيب.
__________________
(١) البحار : ٥١ / ١٦٢.