الاختباط (١) فما أقلّ الأخوة في الله تعالى وتقل الدراهم الحلال وترجع الناس إلى أشرّ حال فعندها تدور دول الشياطين وتتواثب على أضعف المساكين وثوب الفهد إلى فريسته ويشحّ الغني بما في يديه ويبيع الفقير آخرته بدنياه فيا ويل للفقير وما يحلّ به من الخسران والذلّ والهوان في ذلك الزمان المستضعف بأهله وسيطلبون ما لا يحلّ لهم ، فإذا كان كذلك أقبلت عليهم فتن لا قبل لهم بها ، ألا وإنّ أوّلها الهجري القصير ، وآخرها السفياني والشامي وأنتم سبع طبقات فالطبقة الاولى [وفيها مزيد التقوى إلى سبعين سنة من الهجرة] أهل تنكيد وقسوة إلى السبعين سنة من الهجرة ، والطبقة الثانية أهل تباذل وتعاطف إلى المائتين والثلاثين سنة من الهجرة.
والطبقة الثالثة أهل تزاور وتقاطع إلى الخمسمائة وخمسين سنة من الهجرة ، والطبقة الرابعة أهل تكالب وتحاسد إلى السبعمائة من الهجرة ، والطبقة الخامسة أهل تشامخ وبهتان إلى الثمانمائة وعشرين سنة من الهجرة ، والطبقة السادسة أهل الهرج والمرج وتكالب الأعداء وظهور أهل الفسوق والخيانة إلى التسعمائة والأربعين سنة من الهجرة ، والطبقة السابعة فهم أهل حيل وغدر وحرب ومكر وخدع وفسوق وتدابر وتقاطع وتباغض والملاهي العظام والمغاني الحرام والامور المشكلات في ارتكاب الشهوات وخراب المدائن والدور وانهدام العمارات والقصور ، وفيها يظهر الملعون من الوادي الميشوم وفيها انكشاف الستر والبروج وهي على ذلك إلى أن يظهر قائمنا المهدي صلوات الله وسلامه عليه ، قال : فقامت إليه سادات أهل الكوفة وأكابر العرب وقالوا : يا أمير المؤمنين بيّن لنا أوان هذه الفتن والعظائم التي ذكرتها لنا لقد كادت قلوبنا أن تنفطر وأرواحنا أن تفارق أبداننا من قولك هذا ، فوا أسفاه على فراقنا إيّاك فلا أرانا الله فيك سوءا ولا مكروها ، فقال علي عليهالسلام : قضي الأمر الذي فيه تستفتيان كلّ نفس ذائقة الموت قال : فلم يبق أحد إلّا وبكى لذلك.
قال : ثمّ إنّ علي قال : ألا وإنّ تدارك الفتن بعد ما أنبئكم به من أمر مكّة والحرمين من جوع أغبر وموت أحمر ، ألا يا ويل لأهل بيت نبيّكم وشرفائكم من غلاء وجوع وفقر ووجل حتّى يكونوا في أسوأ حال بين الناس ، ألا وإنّ مساجدكم في ذلك الزمان لا يسمع لهم صوت فيها ولا تلبّى فيها دعوة ثمّ لا خير في الحياة بعد ذلك ، وإنّه يتولّى عليهم ملوك كفرة من عصاهم
__________________
(١) الاختباط : طلب المعروف والكسب (لسان العرب : ٧ / ٥٣٣).