لتعرفوا مواقيتها إذا وقعتم في الفتن مع قلّة اعتصابكم ، فيا كثرة فتنكم وخبث زمانكم وخيانة حكّامكم وظلم قضاتكم وكلابة تجّاركم وشحّة ملوككم وفشي أسراركم وما تنحل أجسامكم وتطول آمالكم وكثرة شكواكم ، ويا قلّة معرفتكم وذلّة فقيركم وتكبّر أغنيائكم وقلّة وقاكم ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون من أهل ذلك الزمان ، تحلّ فيهم المصائب ولا يتّعظون بالنوائب ولقد خالط الشيطان أبدانهم وربح في أبدانهم وولج في دمائهم ويوسوس لهم بالإفك حتّى تركب الفتن الأمصار ويقول المؤمن المسكين المحبّ لنا إنّي من المستضعفين ، وخير الناس يومئذ من يلزم نفسه ويختفي في بيته عن مخالطة الناس والذي يسكن قريبا من بيت المقدس طالبا لثأر (١) الأنبياء عليهالسلام ، معاشر الناس لا يستوي الظالم والمظلوم ولا الجاهل والعالم ولا الحقّ والباطل ولا العدل والجور ألا وإنّ له شرائع معلومة غير مجهولة ولا يكون نبي إلّا وله أهل بيت ولا يعيش أهل بيت نبي إلّا ولهم أضداد يريدون اطفاء نورهم ونحن أهل نبيّكم ألا وإن دعوكم إلى سبّنا فسبّونا وإن دعوكم إلى شتمنا فاشتمونا وإن دعوكم إلى لعننا فالعنونا وإن دعوكم إلى البراءة منّا فلا تتبرّءوا منّا ومدّوا أعناقكم للسيف واحفظوا يقينكم فإنّه من تبرّأ منّا بقلبه تبرّأ الله منه ورسوله ، ألا وإنّه لا يلحقنا سب ولا شتم ولا لعن.
ثمّ قال : فيا ويل مساكين هذه الامّة وهم شيعتنا ومحبّونا وهم عند الناس كفّار وعند الله أبرار وعند الناس كاذبون وعند الله صادقون وعند الناس ظالمون وعند الله مظلومون وعند الناس جائرون وعند الله عادلون وعند الناس خاسرون وعند الله رابحون فازوا والله بالايمان وخسر المنافقون.
معاشر الناس إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ، معاشر الناس كأنّي بطائفة منهم يقولون إنّ علي بن أبي طالب يعلم الغيب وهو الربّ الذي يحيي الموتى ويميت الأحياء وهو على كلّ شيء قدير ، كذبوا وربّ الكعبة ، أيّها الناس قولوا فينا ما شئتم واجعلونا مربوبين ، ألا وإنّكم ستختلفون وتتفرّقون ، ألا وإنّ أوّل السنين إذا انقضت سنة مائة وثلاثة وستين سنة توقّعوا أول الفتن فإنّها نازلة عليكم ثمّ يأتيكم في عقبها الدهماء تدهم الفتن فيها والغزو تغزو بأهلها والسقطاء تسقط الأولاد من بطون أمّهاتهم والكسحاء تكسح فيها الناس من القحط والمحن والفتناء تفتن بها من أهل الأرض
__________________
(١) في بعض النسخ : لآثار.