فعندها تبلى السرائر وتذهل كلّ مرضعة عمّا أرضعت إلى آخر الآية ، ثمّ يخرج السيّد الأكبر محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أنصاره والمهاجرين ومن آمن به وصدّقه واستشهد معه ويحضر مكذّبوه والشاكّون فيه والرادّون عليه والقائلون فيه إنّه ساحر وكاهن ومجنون وناطق عن الهوى ومن حاربه وقاتله حتّى يقتص منهم بالحق ويجازون بأفعالهم منذ وقت ظهور رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى ظهور المهدي مع إمام إمام ووقت وقت يحقّ تأويل هذه الآية (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) (١).
قال المفضّل : يا سيّدي ومن فرعون ومن هامان؟
قال عليهالسلام : أبو بكر وعمر.
قال المفضّل : يا سيّدي ورسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما يكونان معه؟ فقال : لا بدّ أن يطئا الأرض ، إي والله حتّى ما وراء الخاف (٢) ، إي والله وما في الظلمات وما في قعر البحار حتّى لا يبقى موضع قدم إلّا وطئاه وأقاما فيه الدين الواجب لله تعالى ، ثمّ لكأنّي أنظر يا مفضّل إلينا معاشر الأئمّة بين يدي رسول الله نشكو إليه ما نزل بنا من الأمّة بعده وما نالنا من التكذيب والردّ علينا وسبّنا ولعننا وتخويفنا بالقتل وقصد طواغيتهم الولاة لامورهم من دون الامّة ترحيلنا عن الحرمة إلى دار ملكهم وقتلهم إيّانا بالسمّ والحبس فيبكي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويقول : يا بني ما نزل بكم إلّا ما نزل بجدّكم قبلكم ثمّ تبتدئ فاطمة وتشكو ما نالها من أبي بكر وعمر وأخذ فدك منها ومشيها إليه في مجمع من المهاجرين والأنصار وخطابها له في أمر فدك وما ردّ عليها من قوله : إنّ الأنبياء لا يورّثون ، واحتجاجها بقول زكريا ويحيى وقصّة داود وسليمان وقول عمر : هاتي صحيفتك التي ذكرت أنّ أباك كتبها لك وإخراجها الصحيفة وأخذه إيّاها منها ونشره لها على رءوس الأشهاد من المهاجرين والأنصار وسائر العرب وتفله فيها وتمزيقه إيّاها وبكائها ورجوعها إلى قبر أبيها رسول الله باكية حزينة تمشي على الرمضاء قد أقلقتها واستغاثتها بالله وبأبيها رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وتمثّلها بقول رقية بنت أصفى :
__________________
(١) سورة القصص : ٥ ـ ٦.
(٢) قال المجلسي : الخاف : الجبل المطيف بالدنيا ، ولا يبعد أن يكون تصحيف القاف.