أطرافها ومن الخيل سنابكها فتكلّموا رحمكم الله ، فكأنّما الجموا بلجام الصمت عن إجابة الدعوة إلّا عشرين رجلا فإنّهم قاموا إليّ فقالوا : يا بن رسول الله ما نملك إلّا أنفسنا وسيوفنا فها نحن بين يديك ، لأمرك طائعون وعن رأيك صادرون فمرنا بما شئت ، فنظرت يمنة ويسرة فلم أر أحدا غيرهم فقلت : لي اسوة بجدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله حين عبد الله سرّا وهو يومئذ في تسعة وثلاثين رجلا ، فلمّا أكمل الله له الأربعين صار في عدّة وأظهر أمر الله فلو كان معي عدّتهم جاهدت في الله حقّ جهاده ثمّ رفعت رأسي نحو السماء فقلت : اللهمّ إنّي قد دعوت وأنذرت وأمرت ونهيت وكانوا عن إجابة الداعي غافلين وعن نصرته قاعدين وعن طاعته مقصّرين ولأعدائه ناصرين اللهمّ فأنزل عليهم رجزك وبأسك وعذابك الذي لا يردّ عن القوم الظالمين ونزلت ثمّ خرجت من الكوفة راحلا إلى المدينة فجاءوني يقولون إنّ معاوية أسرى سراياه إلى الأنبار والكوفة وشنّ غاراته على المسلمين وقتل من لم يقاتله وقتل النساء والأطفال فأعلمتهم أنّه لا وفاء لهم فأنفذت معهم رجالا وجيوشا وعرفتهم أنّهم يستجيبون لمعاوية وينقضون عهدي وبيعتي فلم يكن إلّا ما قلت لهم وأخبرتهم ، ثمّ يقوم الحسين عليهالسلام مخضبا بدمه هو وجميع من قتل معه فإذا رآه رسول الله بكى وبكى أهل السماوات والأرض لبكائه وتصرخ فاطمة فتزلزل الأرض ومن عليها ويقف أمير المؤمنين عليهالسلام والحسن عن يمينه وفاطمة عن شماله ويقبل الحسين فيضمّه رسول الله إلى صدره ويقول : يا حسين فديتك ، قرّت عيناك وعيناي فيك ، وعن يمين الحسين عليهالسلام حمزة أسد الله في أرضه وعن شماله جعفر بن أبي طالب الطيّار ويأتي محسن تحمله خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت أسد أمّ أمير المؤمنين عليهالسلام وهن صارخات وأمّه فاطمة تقول (هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (١) (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) (٢).
قال : فبكى الصادق عليهالسلام حتّى اخضلت لحيته بالدموع ثمّ قال : لا قرّت عين لا تبكي عند هذا الذكر قال : فبكى المفضّل بكاء طويلا ثمّ قال : يا مولاي ما في الدموع يا مولاي؟ فقال : ما لا يحصى إذا كان من حقّ ، ثمّ قال المفضّل ما تقول في قوله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ
__________________
(١) سورة الأنبياء : ١٠٣.
(٢) سورة آل عمران : ٣٠.