السفينة فكنّا نمشي على الشاطئ فاتّفق اجتماعي مع هذا الرجل في الطريق فسألته عن سبب مجانبته من أصحابه وذمّهم إيّاه وقدحهم فيه فقال : هؤلاء من أقاربي من أهل السنّة وأبي منهم وأمّي من أهل الايمان وكنت أيضا منهم ولكن الله منّ عليّ بالتشيّع ببركة الحجّة صاحب الزمان عليهالسلام فسألت عن كيفية ايمانه فقال : اسمي ياقوت وأنا أبيع الدهن عند جسر الحلّة فخرجت في بعض السنين لجلب الدهن من أهل البراري خارج الحلّة فبعدت عنها بمراحل إلى أن قضيت وطري من شراء ما كنت أريد منه وحملته على حماري ورجعت مع جماعة من أهل الحلّة ونزلنا في بعض المنازل ونمنا وانتبهت فما رأيت أحدا منهم وقد ذهبوا جميعا ، وكان طريقنا في برية قفر ذات سباع كثيرة ليس في أطرافها معمورة إلّا بعد فراسخ كثيرة فقمت وجعلت الحمل على الحمار ومشيت خلفهم فضلّ عنّي الطريق وبقيت متحيّرا خائفا من السباع والعطش في يومه فأخذت أستغيث بالخلفاء والمشايخ وأسألهم الإعانة وجعلتهم شفعاء عند الله تعالى وتضرّعت كثيرا فلم يظهر منهم شيء ، فقلت في نفسي : إنّي سمعت من أمّي أنّها كانت تقول : إنّ لنا إماما حيّا يكنّى أبا صالح يرشد الضالّ ويغيث الملهوف ويعين الضعيف فعاهدت الله تعالى إن استغثت به فأغاثني أن أدخل في دين أمّي فناديته واستغثت به فإذا بشخص في جنبي وهو يمشي معي وعليه عمامة خضراء قال رحمهالله : وأشار حينئذ إلى نبات حافة النهر وقال : كانت خضرتها مثل خضرة هذا النبات ، ثمّ دلّني على الطريق وأمرني بالدخول في دين أمّي وذكر كلمات نسيتها وقال : ستصل عن قريب إلى قرية أهلها جميعا من الشيعة قال : فقلت : يا سيدي أنت لا تجيء معي إلى هذه القرية؟ فقال عليهالسلام ما معناه : لا لأنّه استغاث بي ألف نفس في أطراف البلاد أريد أن أغيثهم ثمّ غاب عنّي فما مشيت إلّا قليلا حتّى وصلت إلى القرية وكان في مسافة بعيدة ووصل الجماعة إليها بعدي بيوم ، فلمّا دخلت الحلّة ذهبت إلى سيّد الفقهاء السيّد مهدي القزويني رحمهالله وذكرت له القصّة فعلّمني معالم ديني فسألته عملا أتوصّل به إلى لقائه عليهالسلام مرّة اخرى فقال : زر أبا عبد الله عليهالسلام أربعين ليلة جمعة قال : فكنت أزوره من الحلة في ليالي الجمع إلى أن بقي واحدة فذهبت من الحلة في يوم الخميس ، فلمّا وصلت إلى باب البلد فإذا جماعة من أعوان الظلمة يطالبون الواردين التذكرة وما كان عندي تذكرة ولا قيمتها فبقيت متحيّرا والناس متزاحمون على الباب فأردت مرارا أن أتخفّى وأجوز عنهم فما تيسّر لي فإذا