وأوصلت ما أخذته معي ستمائة قران إلى ثلاثة من علماء النجف ورجعت إلى بغداد وكان بعزمي أن أوصل الباقي معجلا إلى الشيخ محمد حسن آل ياسين فأخذت يوما ما كان نقدا بالحانوت معي وأتيته به وأوصلت إليه ذلك وقلت : شيخنا عندي بعد كذا من السهم وهو لم ينقد ، بل جنس أبيعه وآتيك به وإن شئت فاكتب للسادة حوالة عليّ أؤدي إليهم شيئا فشيئا قال : نعم أكتب عليك الحوالة لهم ، قلت له : شيخنا أريد أن تكتب لي تذكرة تكتب شهادتك بأنّي من موالي أمير المؤمنين وأولاده المعصومين عليهالسلام أجعلها في كفني ، قال : أكتب لك ذلك فقمت من عنده لأخرج قال : بت هنا هذه الليلة تزور ، إنّها ليلة الجمعة وكان وقت العصر من الخميس ، قلت له : شيخنا ما أقدر لأنّ العملة بالكارخانة يستوفون أجورهم في كلّ اسبوع أوّل النهار من يوم الجمعة فخرجت إلى بغداد وما مضيت من السبيل إلّا ثلثه فإذا بسيّد جليل مقبل من جانب بغداد أسمر على خدّه الأيمن أو الأيسر ـ والترديد من الرائي ـ شامة سوداء ، لحيته خفيفة ، عليه ثياب خضر ، يرى من أبناء خمسة وثلاثين ولمّا دنا منّي سلّم عليّ وفتح باعه وضمّني إليه وقبّلني وأنا أيضا قبّلته وأظنّه من السادة الذين كنت أعطيهم شيئا من الخمس أحيانا يعرفني وأنا لا أعرفه بشخصه وهو يرجو منّي شيئا فقال عليهالسلام : حاج علي أهلا وسهلا ، على خير؟ قلت له : أريد بغداد ، قال عليهالسلام لي : ارجع نزور جدّي موسى بن جعفر ، هذه ليلة الجمعة ، قلت له : سيدنا لا أقدر ، عندي شغل ، قال عليهالسلام : ارجع لأشهد أنا لك والشيخ ، وإنّ الله أمر بشاهدين ، قلت : أي شيخ تريد؟ قال لي : الشيخ محمد حسن آل يس قلت له : ما أدراك ما جرى بيني وبينه؟ قال عليهالسلام لي : يؤدّون حقّ الإنسان إليه لا يدري ارجع ، فهبته وأكبرته ولم أقدر على مخالفته فرجعت معه وهو آخذ يدي بيده قابض عليها ، ولما تأمّلته رأيته عظيما فقلت في نفسي : أسأله عن بعض الأشياء ، فقلت له : سيّدنا كان عليّ من سهم الإمام عليهالسلام كذا وأوصلت بالغري إلى فلان وفلان وفلان وسمّيتهم له فهل صار عملي صحيحا؟
قال : نعم بيد وكلائنا وصل ، قلت : وأوصلت اليوم إلى فلان وسمّيته له كذا ثمّ صار القرار على الحوالة فهل هذا صار أيضا صحيحا؟ قال : عليهالسلام : نعم بيد وكيلنا وصل ، ثمّ نظرت ورأيت نهرا جاريا عن يميننا غير الدجلة وماؤه صاف كأبيض ما يكون من الماء وأصفاه كأنّه ماء صاف في بلور وقد حفّت بنا من كلّ الطرفين أشجار كثيرة ملتفة متدلية على رءوسنا من كلّ