سمعا وطاعة ، فما كان إلّا قليل وإذا بالسيّد سلّمه الله قد أقبل ومعه أصحابه فجلسوا ومدّت المائدة فأكلنا ونهضنا إلى المسجد مع السيّد لأجل صلاة المغرب والعشاء ، فلمّا فرغنا من الصلاتين ذهب السيّد إلى منزله ورجعت إلى مكاني وأقمت على هذه الحال مدّة ثمانية عشر يوما ونحن في صحبته أطال الله بقاءه ، فأوّل جمعة صلّيتها معهم رأيت السيّد سلّمه الله صلّى الجمعة ركعتين فريضة واجبة فلمّا انقضت الصلاة قلت : يا سيدي قد رأيتكم صلّيتم الجمعة ركعتين فريضة واجبة ، قال : نعم لأنّ شروطها المعلومة قد حضرت فوجبت فقلت في نفسي ربّما كان الإمام حاضرا ثمّ في وقت آخر سألت منه في الخلوة هل كان الإمام عليهالسلام حاضرا؟ فقال : لا ، ولكنّي أنا النائب الخاص بأمر صدر عنه عليهالسلام فقلت : يا سيدي وهل رأيت الإمام عليهالسلام؟
قال : لا ولكن حدّثني أبي رحمهالله أنّه سمع حديثه ولم ير شخصه وأنّ جدّي رحمهالله سمع حديثه ورأى شخصه فقلت له : ولم ذاك يا سيدي يختص بذلك رجل دون آخر؟ فقال لي : يا أخي إنّ الله سبحانه وتعالى يؤتي الفضل من يشاء من عباده وذلك لحكمة بالغة وعظمة قاهرة ، كما أنّ الله اختص من عباده الأنبياء والمرسلين والأوصياء والمنتجبين وجعلهم أعلاما لخلقه وحججا على بريته ووسيلة بينهم وبينه ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حي عن بيّنة ولم يخل أرضه بغير حجّة على عباده للظفر بهم ، ولا بدّ لكلّ حجّة من سفير يبلّغ عنه ، ثمّ إنّ السيّد سلّمه الله أخذ بيدي إلى خارج مدينتهم وجعل يسير معي نحو البساتين فرأيت فيها أنهارا جارية وبساتين كثيرة مشتملة على أنواع الفواكه عظيمة الحسن والحلاوة من العنب والرمّان والكمثرى وغيرها ما لم أرها في العراقين ولا في الشامات كلّها ، فبينما نحن نسير من بستان إلى آخر مرّ بنا رجل بهيّ الصورة مشتمل ببردتين من صوف أبيض فلمّا قرب منّا سلّم علينا وانصرف عنّا فأعجبتني هيئته فقلت للسيّد سلّمه الله : من هذا الرجل؟ قال لي : أتنظر إلى هذا الجبل الشاهق؟ قلت : نعم قال : إنّ وسطه مكانا حسنا وفيه عين جارية تحت شجرة ذات أغصان كثيرة وعندها قبّة مبنية بالآجر وإنّ هذا الرجل مع رفيق له خادمان لتلك القبّة وأنا أمضي إلى هناك في كلّ صباح جمعة وأزور الإمام عليهالسلام منها وأصلّي ركعتين وأجد هناك ورقة مكتوب فيها ما أحتاج إليه من المحاكمة بين المؤمنين فمهما تضمّنت الورقة أعمل به ، فينبغي لك أن تذهب إلى هناك وتزور الإمام عليهالسلام من القبّة ، فذهبت إلى