بعث الامام موسى بن جعفر عليهالسلام برسالة وهو في السجن إلى هارون: «إنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلّا انقضى عنك معه يوم من الرخاء حتى نفضي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون»(١).
السجن عند الامام الكاظم عليهالسلام مدرسة للعبادة والطاعة والصبر يسخرها الانسان العارف لبلوغ مدارج الكمال، فصَبَرَ الامام الكاظم عليهالسلام راضياً بما قضاه الله حتى سمّي الكاظم لما تحمّل من صعاب وما كظم من غيظ عما فعله الظالمون به.
لذلك كان يشكر الله الامام عليهالسلام ويقول: «اللهمَّ إنّك تعلم أني كنت أسألكَ أن تفرّغني لعبادتك اللهمَّ وقد فعلت، فلك الحمد»(٢).
لقد واجه الامام الكاظم عليهالسلام السجن بروح ملؤها الصبر، فلم يهن ولم ينكل، ولم يظهر الإذعان والخضوع إلى السلطان الجائر فقد قيل له عليهالسلام وهو في الحبس: «لو كتبت إلى فلان يكلم فيك الرشيد؟ فقال: حدثني أبي عن آبائه: إن الله عز وجل أوحى إلى داود، يا داود، إنه ما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي دوني... إلّا وقطعتُ عنه أسباب السماء وأسخت الأرض من تحته»(٣).
للإمام حالات معينة مع الرشيد حسب متطلبات المرحلة والوقت الذي يملي عليه الموقف، ففي بعض الأحيان يكون الموقف:
أ ـ الموعظة: فقد روي عن إسماعيل بن بشر بن عمّار، قال: كتب هارون الرشيد إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام عِظني وأوجز قال: فكتب إليه: ما من شيءٍ تراه عينك إلّا وفيه موعظةُ(٤).
_________________________
(١) الامام موسى الكاظم عليهالسلام سيرة وتأريخ ص ٧٣ عن تذكرة الخواص ص ٣٦٠.
(٢) نفس المصدر السابق ص ٧٤ نقلاً عن الإرشاد ٢ / ٢٤٠.
(٣) نفس المصدر السابق نقلاً عن تأريخ اليعقوبي ٢ / ٤١٤.
(٤) نفس المصدر السابق نقلاً عن أمالي الصدوق: ٥٩٩.