واندفع هارون إلى شرب الخمر والإدمان عليها، وكان يدعو خواص جواريه إذا أراد الشراب(١). وكان يهدي لبعض أصحابه كؤوس الخمر مملوءة (الاغاني).
وان هارون وغيره من ملوك العباسيين لم يعنون بتحريم الاسلام للخمرة، فعمدوا إلى شربها في وضح النهار وفي غلس الليل، ومن المؤسف أن يُعد هارون وأشباهه من أئمة المسلمين ومن كبار قادتهم ثم يلتمس المعاذير لما اقترفوه من عظيم الاثم والمنكر، وقد بالغ الجومرد في دفاعه عن هارون فنفى عنه شرب الخمر وقال انه ما شرب إلا النبيذ وليس ذلك محرماً في الاسلام(٢).
ولم يترك هارون اي لون من المحرمات في الاسلام إلا ارتكبه فمن ذلك لعبه بالنرد (لعبة وضعها أحد ملوك الفرس وتعرف عند العامة بلعب الطاولة). وهو من أنواع القمار الذي حرمه الاسلام.
ولقد ساد اللهو، وعمّت الدعارة، وانتشر المجون ولَدهورت الأخلاق، واقبرت الفضائل، في عهد هارون.
وتميز موقف الامام موسى عليهالسلام مع حكومة هارون بالشدة والصرامة فقد حرم التعاون معها في جميع المجالات، وقد ظهر هذا الموقف جلياً في حديثه مع صفوان فقد قال له الإمام « يا صفوان، كل شيء منك حسن جميل ما خلا شيئاً واحداً، فالتاع صفوان وذابت نفسه لعلمه بأنه لم يخلد إلى أي معصية فانبرى للامام قائلاً: جُعلتُ فداك أي شيء؟!!
_________________________
(١) باقر شريف القرشي حياة الامام موسى الكاظم.
(٢) هارون الرشيد ١ / ٢٦٧.