ذات ليلة مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فسجد سجدة في أوّل الليل وسمع وهو يقول في سجوده «عظم الذنبُ من عبدك فليحسن العفو من عندك يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة» فجعل يردّدها حتى أصبح.
روى الشيخ الصدوق رحمهالله عن عبدالله القروي أنّه قال: دخلتُ على الفضل بن الربيع وهو جالس على سطح فقال لي: ادن، فدنوت حتى حاذيته ثم قال أشرف على البيت في الدار فأشرفت، فقال ما ترى في البيت؟ قلت ثوباً مطروحاً، فقال: انظر حَسَناً فتأمّلتُ ونظرتُ فتيقنت، فقلتُ رجلاً ساجداً، فقال لي، تعرفه؟ قلت: لا، قال هذا مولاك، قلتُ ومَنْ مولاي؟ فقال: تتجاهل عليّ؟ فقلتُ: ما أتجاهل ولكنّي لا أعرف لي مولى فقال هذا أبو الحسن موسى بن جعفر؟ انّي أتفقّده الليل والنهار فلم أجده في وقت من الأوقات إلّا على الحال التي أخبرك بها. إنّه يُصلّي الفجر فيعقّب ساعة في دبر صلاته إلى أن تطلع الشمس ثم يسجد سجدة فلا يزال ساجداً حتى تزول الشمس، وقد وكّل من يترصّد له الزوال فلست أدري متى يقول الغلام: قد زالت الشمس، إذ يثب فيبتدئ بالصلاة من غير أن يُجدّد وضوءاً فاعلم أنّه لم ينم في سجوده ولا أغفى فلا يزال كذلك إلى أن يفرغ من صلاة العصر، فاذا صلّى العصر سجد سجدة فلا يزال ساجداً إلى أن تغيب الشمس فاذا غابت الشمس وثب من سجدته فصلّى المغرب من غير أن يحدث حدثاً ولا يزال في صلاته وتعقيبه إلى أن يُصلّي العتمة، فاذا صلّى العتمة أفطر على شويّ يؤتى به ثم يُجدّد الوضوء ثم يسجد ثم يرفع رأسه فينام نومة خفيفة ثم يقوم فيجدّد الوضوء، ثم يقوم فلا يزال يُصلّي في جوف الليل حتى يطلع الفجر فلست أدري متى يقول الغلام: ان الفجر قد طلع. إذ قد وثب هو لصلاة الفجر فهذا رأيُهُ منذ حوّل إليّ، فقلت: اتق الله ولا تحدثنّ في أمره حدثاً يكون معه زوال النعمة...(١).
_________________________
(١) منتهى الآمال للقمي ص ٢٩٣.