النجيب ولم يلبث أن أناخهُ على باب إبراهيم الجمّال بالكوفة فقرع الباب وقال: أنا علي بن يقطين.
فقال إبراهيم الجمّال من داخل الدار: وما يعمل عليُّ بن يقطين الوزير ببابي؟! فقال عليُّ بن يقطين: يا هذا إنَّ أمري عظيم وآلى عليه أن يأذن له: فلمّا دخل قال: يا ابراهيم إنَّ المولى عليهالسلام أبى أن يقبلني أو يغفر لي، فقال: يغفر الله لك فآلى عليُّ بن يقطين على إبراهيم الجمّال أن يطأ خدّه فامتنع إبراهيم من ذلك فآلى عليه ثانياً ففعل، فلم يزل إبراهيم يطأ خدَّه وعليُّ بن يقطين يقول: «اللهمَّ اشهد، ثمَّ انصرف وركب النجيب وأناخه من ليلته بباب المولى موسى بن جعفر عليهالسلام بالمدينة، فأذن له ودخل عليه فقبله»(١).
روى ابن شهرآشوب في المناقب الجزء السابع ص ٢٨٩: قال: حمل الرشيد في بعض الأيام إلى علي بن يقطين ثياباً أكرمه بها وفيها دراعة خزسوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب، فأنفذ ابن يقطين بها إلى موسى بن جعفر مع مال كثير، فلما وصل إلى أبي الحسن قبل المال وردَّ الدراعة وكتب إليه احتفظ بها ولا تخرجها من بيتك فسيكون لك بها شأن تحتاج اليها معه، فلمّا كان بعد أيام تغيّر علي بن يقطين على غلام له فصرفه عن خدمته، فسعى الغلام به إلى الرشيد فقال انه يقول بامامة موسى بن جعفر ويحمل اليه خمس ماله في كل سنة وقد حمل إليه الدراعة التي أكرمه بها أمير المؤمنين فغضب الرشيد غضباً شديداً وقال: ان كان الأمر على ما تقول أزهقت نفسه فانفذ باحضار ابن يقطين وقال: عليَّ بالدراعة التي كسوتك بها إليَّ الساعة فانفذ خادماً وقال آتيني بالسفط الفلاني، فلما جاء به وضعه بين يدي الرشيد وفتحه فنظر إلى الدراعة بحالها مطوية مدفونه في الطيب فسكن الرشيد من غضبه وقال: انصرف راشداً فلن أصدِّق بعدها ساعياً، وأمر أن يُتبع بجائزة سنية وتقدّم بضرب الساعي حتى مات منه.
_________________________
(١) بحار: ج ٤٨، نقلاً عن عيون المعجزات ص ٩٠.