يمهلوه من إتمامها، وكان إعتقاله في شهر شوال لعشر بقين منه عام ١٧٩ هـ وخاف الرشيد من وقوع الفتنة وحدوث الاضطراب، فأمر بتهيأة قبتين فأوعز بحمل إحديهما إلى الكوفة والأخرى إلى البصرة ليوهم على الناس أمر الامام عليهالسلام ويخفي عليهم خبر إعتقاله، وأمر بحمل الامام عليهالسلام إلى البصرة في غلس الليل البهيم.
وسارت القافلة بقيادة «حسان السروي» الذي وكِّل بحراسة الامام والمحافظة عليه، حتى سلّمه إلى عيسى بن جعفر في البصرة قبل التروية بيوم، فحبسه عيسى في بيت من بيوت المحبس، وأقفل عليه أبواب السجن، فكان لا يفتحها إلّا في حالتين، إحداهم في حالة خروجه إلى الطهور، والأخرى لإدخال الطعام له.
أ ـ تفرغه للعبادة: وأقبل الامام عليهالسلام على عبادة الله فحيّر الألباب وأبهر العقول بعبادته وانقطاعه إلى الله فكان يصوم في النهار ويقوم في الليل، وكان يدعو بهذا الدعاء: «اللهم انك تعلمُ أنّي كنتُ أسألكَ أن تفرغني لعبادتك، اللهمَّ وقد فعلت فلك الحمد».
ب ـ اتصال العلماء به: أقبل علماء البصرة ورواة الحديث إلى الامام عليهالسلام فاتصلوا به من طريقٍ خفيٍ وكان منهم ياسين الزياتي وروى عنه. (حياة الام موسى بن جعفر للقرشي)
ولما وصلت رسالة هارون الرشيد لعيسى
بقتل الامام عليهالسلام
ثقل عليه الأمر وجمع خواصه وثقاته فعرض عليهم الأمر فاشاروا إليه بالتحذير من ارتكاب الجريمة فكتب إلى الرشيد: «يا أمير المؤمنين كتبتَ إليَّ في هذا الرجل وقد اختبرته طول مقامه بمن حسبته عيناً عليه لينظروا جبلته وأمره وطويّته ممّن له المعرفة والدراية