الاعتداد
إنّ مسألة الاعتداد من المسائل الفقهيّة المهمّة التي شغلت حيّزاً في الرسائل العمليّة وكُتب الفقهاء ، والمراد منه صبر المرأة بعد الطلاق أو الوفاة مدّة معيّنة شرعاً ، فلا يجوز لها الزواج في هذه المدّة ، مضافاً إلى الحداد الذي يجب على المرأة المتوفى زوجها ـ والذي هو عبارة عن ترك التزيّن في اللباس والبدن ـ كما سيأتي ، وقد يقال : إن العلّة في صبر المرأة عن الزواج ـ هذه المدّة ـ هو الاطمئنان من عدم وجود جنين في رحمها ، ولكن نجد في بعض الأحيان جريان هذا الحكم حتى على من يتيقّن من عدم قدرتها على الحمل لمرض مثلاً ، ولذا نستطيع أن نقول : إنّه لم يخلُ حكم في الشريعة من وجود مصلحة وترك مفسدة ، فالغاية من تشريع هذا الحكم احترام كيان الزوج ، وتقديس العلاقة والرابطة التي بنيت بين الزوجين ، ولذا فانّ انفكاك هذه العلقة يترتّب عليه حكم العدّة ، وصبر المرأة عن الزواج وعدم التسرّع في قطع جميع الأواصر التي كانت بين الزوجين.
وكما احترم الإسلام العلاقة بين الزوجين فقد حفظ المرأة من الوقوع في أشراك المعصية ، فحلّل لها الزواج بعد انقضاء عدّتها خلافاً لما نرى في المجتمعات التي تتظاهر بالإسلام وخصوصاً العربيّة منها فقد جعلت الزواج على المرأة بعد موت زوجها أو طلاقها منه عاراً وشناراً ، حتّى أدّى ذلك إلى كثرة الفساد في أجواء غير المتديّنات ، ووجود العقد النفسيّة والأمراض الروحيّة عند المتديّنات.