من يصوّر الجنين في الرحم
لو فكّرنا قليلاً في قدرة الله تعالى على الإنشاء وكيف صوّرنا في الأرحام ، لارتقينا إلى مدارج الكمال.
والتفكّر من أفضل العبادات التي يثاب الإنسان عليها ، ويعرج من خلالها إلى معارج المعرفة ، ويسبح في غمرات الربانيّين.
من الذي يصوّر الجنين في رحم أُمّه ؟
هذا السؤال حيّر عقول الفلاسفة والعظماء ، لا سيما ارسطو وتلامذته ومن كان قبلهم وبعدهم ، وقفوا لا يهتدون إلى شيء ولا يجدون حلاً لهذا اللّغز العظيم ، والكلّ يبدي برأيه ويتحاور مع صاحبه كي يتوصّل إلى الحلّ.
ولكنّ الجواب لا يتأتّى إلاّ على يد منقذ البشرية ، الذي خاطبه خبر السماء يا محمد صلىاللهعليهوآله : ( إِنَّا خَلَقْنَا الاِنسَانَ مِنْ نُطْفَة أَمْشَاج نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً ) (١).
والأمشاج : كناية عن اختلاط النطفة وتداخلها ، فلا الطبيعة المحتاجة ولا كلّ ممكن يقوم بهذا الإنشاء ويصوّر هذا المخلوق في الرحم.
قال البعض : إنّ الجنين يتصوّر بطبيعته ، وطبيعته هي التي تصوّره ، وبها يتكوّن وينمو ، وقد غفلوا أنَّ المصوَّر والمصوِّر سيكونا شيئاً واحداً ، ولو أمكن ذلك لجاز أن
__________________
(١) الانسان ٧٦ : ٢.