إنّما جمع بين اللّام والنون هاهنا لأنّ اللّام تدخل لتحقيق المحلوف عليه ، كما دخلت (لا) في النفي في قولك : والله لا يقوم زيد ، ولزمت النون في آخر الفعل ؛ ليفصل بها بين فعل الحال والاستقبال ، فهي دليل الاستقبال ؛ فإذا قلت : والله ليخرجنّ زيد ، دلّت اللام على الإيجاب ، والنون على الاستقبال وتخليص الفعل من الحال ؛ فقد دلّ كلّ واحد منهما على معنى مفرد ، فإن لم ترد الاستقبال جاز أن تقول : والله ليقوم ويصلّي ، لمن هو في تلك الحال ، وربّما أضمرت هذه اللّام في الشعر مع النون ضرورة كما قال الشاعر :
فهم الرجال وكلّ ذلك منهم |
|
تجدنّ في رحب وفي متضيّق |
وأنشده الكسائيّ وزعم أنه أضمر اللّام ، وقال الفرّاء : اللام لا يجوز إضمارها مع النون الثقيلة والخفيفة إلّا بأن تتقدّمها لام مثلها تدلّ عليها ، ولكنّ هذا الشاعر أدخل النون في الواجب ضرورة ، قال الفراء : فمها تضمر فيه اللّام قول الشاعر :
فليأزلنّ وتبكؤنّ لقاحه |
|
ويعلّلنّ صبيّه بسمار (١) |
__________________
(١) أزل فلان يأزل : صار في ضيق وجدب. وبكؤت الناقة : قلّ لبنها.
والسّمار : اللبن الذي رقق بالماء. والبيت في الصحاح واللسان (مادة : بكأ).