كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ)(١) ، ومثله قوله : (قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ)(٢) ، كلّ هذا مخفّف من الثقيلة. وأهل الكوفة يسمّون هذه اللّام لام إلّا ، ويجعلون (إِنْ) هاهنا بمنزلة (ما) في الجحد ، قالوا : ومعنى قوله : (وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ)(٣) : ما وجدنا أكثرهم إلّا فاسقين ، وكذلك / قوله : (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ)(٤) تأويله عندهم : ما كنت من قبله إلّا من الغافلين ، وكذلك سائر هذا الذي مضى يخرجونه إلى هذا التأويل ، وهذا
__________________
عند سيبويه والأكثرين لام الابتداء ، أفادت ـ مع إفادتها توكيد النسبة وتخليص المضارع للحال ـ الفرق بين إن المخففة من الثقيلة وإن النافية ، ولهذا صارت لازمة بعد أن كانت جائزة ، اللهم إلا أن يدل دليل على قصد الإثبات ...
وزعم أبو علي وأبو الفتح وجماعة أنها لام غير لام الابتداء ، اجتلبت للفرق.
قال أبو الفتح : قال لي أبو علي : ظننت أن فلانا نحوي محسن حتى سمعته يقول : إن اللام التي تصحب إن الخفيفة هي لام الابتداء. فقلت له : أكثر نحويّي بغداد على هذا. وحجة أبي علي دخولها على الماضي المتصرّف نحو : إن زيد لقام ، وعلى منصوب الفعل المؤخر عن ناصبه في نحو : (وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ) وكلاهما لا يجوز مع المشدّدة.» المغني ١ : ٢٥٦.
(١) الآية : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) يوسف ١٢ : ٣.
(٢) سورة الصافات ٣٧ : ٥٦.
(٣) انظر الحاشية ٢ من الصفحة السابقة.
(١) الآية : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) يوسف ١٢ : ٣.