سيبويه : كلّ هذا منصوب على إضمار الفعل المختزل استغناء عنه بها (١). ثمّ نقول في تفسير ذلك : تأويله : سقاك الله سقيا ، ورعاك الله رعيا ، وخيّبة خيبة ، وما أشبه ذلك ، وإنّما اختزل / الفعل لأنّهم جعلوا المصدر بدلا منه ، ثم تلحق لام التبيين فيقال : سقيا لزيد ، ورعيا له ، وتبّا لعمرو ، ونكرا له ، وجوعا له ونوعا (٢) ، لأنه لو لا هذه اللام لم يعلم من المدعوّ له بشيء من هذا أو المدعوّ
__________________
(١) قال سيبويه : «هذا باب ما ينصب من المصادر على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره ، وذلك قولك : سقيا ورعيا ، ونحو قولك : خيبة ودفرا وجدعا وعقرا وبؤسا وأفّة وتفّة وبعدا وسحقا ، ومن ذلك قولك : تعسا وتبّا وجوعا ، ونحو قول ابن ميادة :
تفاقد قومي إذ يبيعون مهجتي |
|
بجارية ، بهرا لهم بعدها بهرا |
وقال :
ثم قالوا : تحبّها؟ قلت : بهرا |
|
عدد النجم والحصى والتراب |
كأنه قال : جهدا ، أي : جهدي ذلك.
وإنما ينتصب هذا وما أشبهه إذا ذكر مذكور فدعوت له أو عليه على إضمار الفعل ؛ كأنك قلت : سقاك الله سقيا ، ورعاك الله رعيا ، وخيّبك الله خيبة. فكل هذا وما أشبهه على هذا ينتصب ؛ وإنما اختزل الفعل هاهنا لأنهم جعلوه بدلا من اللفظ بالفعل كما جعل الحذر بدلا من احذر. وكذلك هذا كأنه بدل من : سقاك الله ووعاك الله ...» الكتاب ١ : ١٥٧.
(٢) النوع : الجوع. يقال : ناع ينوع نوعا فهو نائع. وقيل : النوع إتباع للجوع.
وقيل : النوع : العطش. وانظر اللسان (مادة : نوع).