خارج من غشاء وغطاء وستر كان فيه. وكان قطرب (١) وحده يذهب إلى أنّ اشتقاق الفاسق من الاتساع ، وذكر أنّ العرب تقول : تفسّق الرجل في أمره ، إذا اتّسع فيه ، قال : فكأنّ الفاسق قد وسّع على نفسه من مذاهب الدّين ما يحرج (٢) فيه غيره فيضيّقه على نفسه توقيا للمآثم. ولا يجوز على هذا التأويل أيضا إطلاقه معرّفا بالألف واللّام على كلّ من توسّع في حال من الأحوال. ومن هذا النوع الطبيب والفقيه والشاعر ؛ لأنها وإن كانت صفات مشتقات فلن تطلق معرّفة بالألف واللّام إلّا مخصوصة لمن وضعت له اتفاقا.
وقد تدخل الألف واللّام للتعريف في ضرب رابع ، وهو أن تدخل على صفات شهر بها قوم حتى صارت تنوب عن أسمائهم ، ثم غلبت عليهم فعرفوا بها دون أسمائهم كقولهم : الفضل والحارث والعبّاس والقاسم وما أشبه ذلك ، هكذا كانت في الأصل نعوتا غلبت فعرف بها أصحابها ، ثم نقلت فسمّي بها بعد ذلك (٣).
__________________
(١) هو محمد بن المستنير المتوفى سنة ٢٠٦ وكان تلميذا لسيبويه. وانظر ترجمته في طبقات الزبيدي : ١٠٦ وإنباه الرواة ٣ : ٣١٩ وبغية الوعاة : ١٠٤.
(٢) حرج يحرج حرجا : ضاق.
(٣) لما كانت العلمية نفسها تعريفا فقد ذهب جمهور من النحاة إلى أن الألف واللام في الاسم العلم ليسا للتعريف ، لئلا يجتمع تعريفان ، وإنما هما للمح الأصل الذي نقل