الله عليه وسلّم أنه قرأ (فبذلك فلتفرحوا) بالتاء ، وقرأ أكثر القرّاء (فَلْيَفْرَحُوا) بالياء على الغيبة (١). وروي أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال في بعض مغازيه لبعض أصحابه : «لتأخذوا مصافّكم» (٢) فأدخل اللّام في فعل المخاطب.
وإذا كان قبل لام الأمر واو العطف أو فاؤه جاز كسر اللّام على الأصل وإسكانها تخفيفا ؛ لأنّ الفاء والواو يتصلان بالكلمة كأنّهما منها ، ولا يمكن الوقوف على واحد منهما ، وذلك قولك : فلينطلق زيد ، ولينطلق ، وإن شئت كسرت اللّام ، وإن شئت أسكنتها ، وكذلك قرأت القرّاء (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا)(٣) بالوجهين ، والإسكان فيها
__________________
بالتاء ، أي يا أصحاب محمد. وانظر معاني القرآن ١ : ٤٦٩ وبهذه القراءة استشهد ابن هشام أيضا في المغني ١ : ٢٤٧. وقال ابن خالويه : «والاختيار عند جميع النحويين حذف اللام إذا أمرت حاضرا وإثباتها إذا أمرت غائبا.» إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم : ٤٣.
(١) قال الفراء : «وهذه قراءة العامة.» يعني الجمهور. وقال : «وكان الكسائي يعيب قولهم (فلتفرحوا) لأنه وجده قليلا فجعله عيبا ، وهو الأصل.» معاني القرآن ١ : ٤٦٩.
(٢) المصاف : ج مصفّ وهو موضع الحرب الذي تكون فيه الصفوف. والحديث مستشهد به في معاني القرآن ١ : ٤٧٠ وأسرار العربية ٣١٨ والإنصاف : ٢١٤ (ط ليدن والمغني ١ : ٢٤٧.
(٣) الآية : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ) ـ (وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.) النور ٢٤ : ٢٢.