لها الأبعاد نفسها تقريبا ، وهي توافق أبعاد الجدران الداخلية. وتوجد الأبراج وعددها عشرون بالمكان نفسه دائما ، وتنغمس في آثار الأبراج القديمة وقد تساوى عددها بالضبط (١). نتعرف بمساعدة على الآثار على هذه القلعة العظيمة بالنظر لهذا المستوى الأول ، إذ كان سمك جدرانها يتراوح بين متر وثمانين سم ، ومترين! أما المادة المستخدمة فهي الآجر بقياس ٣٦ سم* ٣٦ سم* ٩ سم ، لكن شكل اللبنات غير منتظم ، واستخدمت كذلك نصف الآجرة أو القطعة منها في بعض الأحيان ، والجبس كموثق للآجر ، أو أنه كان يمزج بقطع من الآجر لتبليط البناية. ولم تظهر في هذه الفترة أشياء أو مواضيع زخرفية (٢). وما نجده في الجملة هو هيكل وخطوط موجهة أساسية.
لكن ماذا تقول المصادر الكتابية في هذا الموضوع؟
يتحدث سيف والبلاذري فقط عن القصر. ولا نجد عند البلاذري خبرا عمّا قام به سعد من بناء لا في الموضع المحدد للمسجد ، ولا في الموضع المحدد للقصر داخل المساحة العمومية. وتنسب الرواية صراحة إلى زياد بناء القصر (٣). وقد ورد بخبر فرعي قصير وجدّي أن سعدا أحاط قصره بالقصب وجهزه بباب خشبي (٤) ، يحتمل أنه جلب مع أبواب أخرى من المدائن. فمن الممكن إذن أن يكون القصر بقي خلاء عراء ، ومعسكر خيام الأمير ، وأنه كان شبه مركز للقيادة على الطريقة البدوية. والأقرب إلى المعقول أنه ربما بني بالقصب بناء بدائيا ، فكان خصّا ضخما حتى زمن زياد ، بين خصاص الناس المقيمين الكثيرة. وفي هذه الصورة يبدو واضحا لا محالة أن الأسس التي سبقت العصر الأموي (٥) ، من المستوى الأول للحفريات يرجع تاريخها إلى زياد وتنتسب إذن إلى الفترة الأولى من الدولة الأموية. أما المستوى الأموي ذاته ، فيؤرخ فيما بعد سنة ٧٥ ه / ٦٩٥ م.
كان سيف أكثر تفصيلا. وهو يميل بصورة واضحة إلى إعادة بناء الماضي بواسطة الحاضر. فقد أدخل فكرة قصر أول ارتبط بالمسجد بواسطة نفق طوله ٢٠٠ ذراع (ما يقرب من ١٠٨ أمتار) بني بالآجر أصلا ، وهو الآجر المنتزع من قصر ساساني كان يوجد
__________________
(١) المرجع نفسه ، ص ٦١.
(٢) المرجع نفسه ، ص ٦١.
(٣) فتوح البلدان ، ص ٢٧٦ ؛.Annali ,III ,٢ ,p.٠٥٨. الحقيقة أن الدينوري يتحدث في الأخبار الطوال ، ص ١٢٤ ، عن بناء القصر والجامع من طرف سعد. ولم يذكر خليفة بن خيّاط شيئا من ذلك ، ج ١ ، ص ١٠٩.
(٤) فتوح البلدان ، ص ٢٧٧.
(٥) لا شيء يسمح لمحمد علي مصطفى بالتصريح أن المستوى الأول يعود تاريخه إلى ولاية سعد. لم يكن قوله سوى افتراض مستنبط انطلاقا من المصادر الكتابية. ألم يتحدث هو نفسه عن قصر أموي ثان ، لم تتحدث عنه المصادر التي بين أيدينا؟ مرجع مذكور ، ص ٤٧.