تعليل أكثر دقة من ذلك الذي يلجأ إلى عبور ميثولوجي لنهر الفرات ، ومنه اشتق جذر (ع ب ر) الذي يعني شق وقطع. أما تسميتهم ب «ساميي الغرب» ، فلم يعد أبدا سوى اتفاق وضعه العلم الأوروبي في القرن التاسع عشر ، انطلاقا من المصطلحات الواردة بالتوراة ، واستشهادا بالزاد اللغوي المشترك. إن مفهوم (ع ر ب) الأكثر قبولا هو الذي يشعر بواقع لغوي وواقع يرتبط بنمط عيش الترحل. على أن هذا المفهوم يستبعد «ساميي الشرق» الذين يحيلون إلى مرحلة سابقة مشتركة ـ على فرض إنها وجدت يوما ، والذين ينفصلون انفصالا عميقا عن الآخرين بسبب التحضر في شكله القروي والمدني. لقد شكلت صيغة ، (ع ر ب) و (ع ـ ر ـ ب ـ أ ـ أ) و (عرب) الشكل الأول الذي اتخذه العرب الأوائل ، وجذع الشعوب المعروفة بأنها سامية غربية ، وهي تشترك في نمط العيش واللغة وربما الدين. وبعد ذلك انحدر منهم العبرانيون والفينيقيون والأراميون والعرب ذاتهم الخ ... بواسطة التمييز التدريجي وعن طريق الهجرات. إن الموطن الأصلي نفسه الذي يقع في الجنوب الشرقي من الشام أو بين الشام وبلاد الرافدين ، لا بد أنه عاش تطورا لغويا ، وتفريعا بين عربية الأوائل وبين الأرامية ، وهذا مثال متأخر. لكن هذا التطور لم يكن من الوضوح بحيث يدركه الأشوريون والبابليون الذين استمروا في التعرف عليهم بواسطة نمط عيشهم. حتى إنهم فسحوا هذا المفهوم لكل بدوي حتى لو كان نسبه الجغرافي بعيدا. لكننا رأينا أنه كان يوجد في البداية مجموعة لغوية أيضا. لقد وضع المحدثون مميز «العربي الخالص» لأسماء الأعلام ، وذلك بمعنى من الجنوب الغربي ، أي يمني. ومن المحتمل جدا أن عربية الأوائل الحديثة التي انحدرت منها لغتنا العربية ، قد تميزت في وقت متأخر عن الجذع المشترك ، كما يحتمل أن يكون العرب الأوائل من آخر مرحلة للتطور أو من جاء بعدهم ، قد حافظوا على تسمية المجموعة كافة لأنهم تمادوا في الترحل.
أما في الموطن الأصلي ، فقد بقي مفهوم عرب هو أيضا ينطبق على البدو ، من الجماعات اللغوية كافة بدون تمييز. وعلى هذا تسمى العرب الأوائل لغويا ، وقد فقدوا صفتهم البدوية ظاهرا ، مثل الثموديين والنبطيين ، لا عربا بل بأسماء محددة نوعية (١). لقد برزت الهوية العربية القائمة على اللغة ضمن المجال الشامي ، قبيل ظهور التاريخ الميلادي وتأكدت خلال القرون الثلاثة التالية. والظاهرة المفارقة أنّ هذا البروز ارتبط بالمدن ،
__________________
(١). E. I. / ١, art.» Nabate ? ens «et» Thamud «; C. Rabin,» arabiyya «, E. I. / ٢. الواقع أن التاريخ الحديث المدون هو الذي يسميهم كذلك ، عملا بالكتابات الأكادية والكلاسيكية والقرآنية. راجع : M. Rodinson,» Bilan des e ? tudes Mohamediennes «, Revue historique, t. ٩٢٢, fasc. ٦٥٤, Janvier ـ mars ٣٦٩١,. pp. ٦٨١ ـ ٧٨١.