الصيغة ومنع تسلل القبائل. وهو الآخر مجال عمومي ديني قد يكون اقتبس هذه الصفة من الحرم والمسجد الحرام في آن.
لقد طرح عمل التحريم الجاهلي قبل كل شيء كعمل لتحديد الأرض والنهي عن العنف (١). صحيح أنه نزع المظهر القدسي عن الكوفة وكان الصحن مجالا متقلّصا ، ولم يكن واسعا محيطا كما كان الحرم في العصر الجاهلي ، لكن الحركة الأولية بقيت محافظة على صفائها والمسجد الأصلي بصفته مجالا مركزيا غير محاط يسترجع معا الانفتاح (٢) ومركزية المسجد الحرام المكي. أما بخصوص مجال السكن ، فلا بد من التذكير بما لفكرة الاختطاط ذاتها من أهمية. ويبدو أنها مسعى شرع فيه قصيّ بمكة وهو الجد الممدّن ، وقد استكمل ذلك أبناؤه (٣). إنه مسعى إرادي للتصميم والإنشاء وتوزيع وتنظيم للمجال الذي قسم إلى أرباع هي أرباع مكة (٤) ، وهو المسعى الذي نجده بالكوفة كعمل يبدو وكأنه شيء معهود مأنوس. ولا بد أن الدار أي المسكن الخاص قد اقتبست في وقت ما ، كما قلنا ، شيئا من النموذج اليمني المطبوع بالترف والمبني في اتجاه الارتفاع. لكن من الأرجح أن الدار الأكثر شيوعا وانتشارا في الكوفة ، كانت في البداية وفي أكثر الأحوال ، نسخة عن المثال الموجود في شمال بلاد العرب بمكة ، وهو مجال مربع مفتوح في وسطه (٥) ، ينفتح على حجرات وهو المثال الموجود بالطائف ، والذي نجده على شكل أوسع وكحصن في أطم يثرب ، وهو يتّصل فوق هذا بأقدم نموذج للدار ببلاد الرافدين.
الطائف
كانت الدور بالطائف أيضا مسطحة حسب ياقوت (٦) ، بينما يصفها لا مانس بأنها بيوت مرتفعة دون تقديم الدليل ، وهو يقابل بين «ضعف المعمار في مكة» والحصون السميكة المتنوعة بالطائف (٧). الواقع أن يميّز هذه المدينة هو سورها (٨). لكن لعل الطابع المدني
__________________
(١) الطبري ، ج ٣ ، ص ٢٨٣ : «ضرب مسيلمة حرما باليمامة ونهى عنه».
(٢) البلاذري ، فتوح البلدان ، ص ٥٨ ؛ الأزرقي ، ج ٢ ، ص ٦٨.
(٣) السيرة ، ص ٨٤.
(٤) الأزرقي ، ج ٢ ، ص ٢٣٣ ـ ٢٦٥ ؛ السيرة ، ص ٨٠.
(٥): Kister ,» Mecca and Tamim «,p.٦٢١. كان مثالا دائرا ثم صار مربّعا ، ولم يظهر هذا الشكل الأخير إلا في النصف الثاني من القرن السادس م.
(٦) معجم البلدان ، ج ٥ ، ص ٩ : «بيوتها لاطئة».
(٧) La cite ? arabe de Taif ,pp.٣٨١ ـ ٤٨١.
(٨) فتوح البلدان ، ص ٦٦ ـ ٦٧ ؛ معجم البلدان ، ج ٤ ، ص ٨.