ـ ١٥ ـ
المجهود المعماري في عهد زياد
٥٠ ـ ٥٣ ه / ٦٧٠ ـ ٦٧٣
بناء القصر والمسجد
كشف علم الآثار عن العصر الأموي الأول الذي بدأ في أمارة زياد ، وقد تضافرت المصادر الأدبية للتأكيد على الجهود التي بذلها في مجال التمصير والتنظيم. إنما حين نتمعن في تاريخ الطبري بين سنة ٤٥ و ٥٣ / ٦٦٥ ـ ٦٧٣ (١) ، لا نجد أبدا أثرا لتشييد مسجد البصرة والكوفة ، ولا حتى أثرا لبناء القصر. لكن نجد فيه كل ما يساعد على إدراك ذلك ، بمعنى أن هناك مسعى لتأكيد السلطة وهيبة الدولة. وهنا ينبغي اعتماد كتاب فتوح البلدان للبلاذري (٢) ، والروايات القديمة التي ذكرها سيف والمتعلقة بالكوفة في بداية أمرها (٣) ، وياقوت (٤) ، حيث أشارت هذه المصادر جميعا إلى ما يتعلق بالمسجد ، مهملة القصر بصفة واضحة. حتى بخصوص الجامع ، فقد دار الحديث عن إدخال تحسينات بزيادة الأعمدة ونشر الحصى في الصحن ، والتوسيع فيه ، أكثر ممّا دار الحديث عن البناء الصلب ، ونستثني من ذلك إشارة قيمة وردت عند البلاذري : «ثم إن المغيرة بن شعبة وسّعه وبناه زياد فأحكمه وبنى دار الامارة» (٥). ولم يذكر الطبري شيئا بخصوص القصر ، ولم يقل ياقوت شيئا أيضا. وباستثناء الخبر العابر الذي جاء ذكره عند البلاذري ، فقد أيّد السياق التاريخي كله خبر إعادة بناء زياد مركّب القصر والمسجد بصفة شاملة. لقد وسع زياد بالفعل مسجد
__________________
(١) الطبري ، ج ٥ ، ص ٢١٦ ـ ٢٩٠.
(٢) فتوح البلدان ، ص ٢٧٥ ، وما بعدها ؛ المرجع نفسه ، بخصوص البصرة ، ص ٣٤١ وما بعدها.
(٣) الطبري ، ج ٤ ، ص ٤٦ ـ ٤٧.
(٤) معجم البلدان ، ج ٤ ، ص ٤٩٢.
(٥) فتوح البلدان ، ص ٢٧٥ : تشير كل الدلائل إلى أن ذلك جرى خلال ولاية المغيرة الثانية (٤١ ـ ٤٥) كما يؤيده السياق ، لا خلال الولاية الأولى ، كما ظن ماسينيون.