وكان ربما تقدم حتى ينتهي إلى مسجد بني مخزوم» (١) الذي كان على رمية سهم من القصر (٢). ورد اسم بني مخزوم في هذه العبارة ، ولم يكونوا من قريش ، بل كانوا عشيرة صغيرة من عبس انتمى إليها حذيفة بن اليمان من صحابة الرسول (٣) ، وقد تضافرت المصادر على ذكر حضور بني عبس قرب المسجد (٤) في المركز وهذا أمر شاذ. الواقع أن العشيرة المقصودة هي عشيرة عبس التي شاركت حذيفة في النصف الثاني من الآري (٥) في قلب المركز ، وهو يقع في الركن الجنوبي الغربي ، وكان إقطاعا شبيها بإقطاع أبي موسى (٦) الموجود بالركن المقابل. ومبرر ذلك في كل حال أن بني عبس بقوا بحامية المدائن عند تخطيط الكوفة (٧) ، إلا أن سعدا هيأ أماكن للغائبين الذين عرفوا بأهل الثغور (٨). فعلينا التخلي عن فكرة سادت تقول بوجود حزام رقيق داخل المركز ، خصص للقرشيين والأنصار ، وأحاط به من كل جانب بما يشبه الخطة المستديرة التي كانت لأهل الراية بالفسطاط (٩) ، ولكن كان المركز وما جاوره مباشرة يتضمن بعض الدور الخاصة بالأشراف من كبار الصحابة (١٠). ولا شك أن أقرب القطائع من المركز داخل الخطط بالذات ، أسندت لأهل العالية وشمل هذا الأمر جهينة وهي تطرح علينا مشكلا ، فلقد حصلت على خطة كاملة منذ البداية ، كانت تقع بأقصى الجنوب من جهة الغرب (١١). كانت خطة مهمة في كل حال تساوي خطة كندة وقد ورد ذكرها كثيرا في مختلف المصادر (١٢). ورأينا في هذا الخصوص أنها كانت تقع بمقدمة كندة ، وتجاوزتها في اتجاه المركز ، وكانت ممرا إجباريا له (١٣). كان المفروض أن يأتي مثلا الشعبي من كندة فقيل إنه كان عليه المرور بجهينة حيث عليه أن يقطع كل يوم مسافة طويلة تؤدي به إلى الجبانة (١٤).
__________________
(١) المرجع نفسه ، ص ١٠٥.
(٢) المرجع نفسه ، ص ١٠٦.
(٣) كتاب الاشتقاق ، ص ٢٧٨.
(٤) كتاب البلدان ، ص ٣١٠ و ٣١١ ؛ الطبري ، ج ٤ ، ص ٤٥.
(٥) كتاب البلدان ، ص ٣١٠.
(٦) كتاب البلدان ، ص ٣١٠.
(٧) الطبري ، ج ٤ ، ص ٤٣.
(٨) المرجع نفسه ، ص ٤٥.
(٩) المقريزي ، الخطط ، ج ١ ، ص ٢٩٦ وما بعدها.
(١٠) كتاب البلدان ، ص ٣١٠.
(١١) الطبري ، ج ٤ ، ص ٤٥.
(١٢) فتوح البلدان ، ص ٢٧٩.
(١٣) الطبري ، ج ٦ ، ص ١٠٥.
(١٤) وكيع ، أخبار القضاة ، ج ٢ ، ص ٤٢٤.